قوله تعالى: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما 92}
  في مؤمن أهله ذمة عن الحسن وإبراهيم وجابر بن زيد وأبي مسلم، واختلفوا في هَؤُلَاءِ الَّذِينَ بيننا وبينهم ميثاق، فقيل: أهل الذمة من أهل الكتاب، عن ابن عباس وجماعة من أهل العلم، وقيل: هم أهل عقد رسول الله ÷ من مشركي العرب خاصة، عن الحسن «فَمَنْ لَمْ يَجِدْ» يعني لا يقدر على عتق العبد بألا يجد العبد ولا ثمنه «فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ» فعليه صيام شهرين «مُتَتَابِعَينِ»، واختلفوا أنه بدل عن ماذا، فقيل: عن الرقبة للكفارة دون الدية، عن مجاهد، وعليه الفقهاء، وقيل: عنهما، عن مسروق «تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ» يعني جعل اللَّه ذلك للتوبة، قال أبو علي: لأنه في سبب القتل عاص وإن لم يقصد القتل، وقيل: إن المؤمن يندم، ويتمنى أنه لم يكن جرى ذلك على يده، وقيل: هو في شبه العمد، وهو فيه عاص بلا شك واللَّه عليم حكيم، يعني عليم بما يصلح عباده، حكيم بما يقضي فيهم، وقيل: عليم بما يأتون، حكيم فيما فرض عليهم، وقيل: عليم بأعمالكم، حكيم في مجازاتكم.
  · الأحكام: تدل الآية على المنع من قتل المؤمنين، ولا شبهة أنه إذا وقع عمدًا كان كبيرة، وقد ورد فيه الوعيد العظيم، فأما الخطأ فلا وعيد فيه، وإنما فيه الكفارة والدية.
  وتدل على أنه إذا أسلم في دار الحرب، فقتله من لا يعلم ففيه الكفارة ولا دية.
  وتدل على أن في الذمي الدية والكفارة.
  وتدل على أن الصوم بدل العتق.
  وقد أجمعوا أن هذه الأقسام الثلاثة متغايرة على ما بينا، غير أبي مسلم، فإنه ذكر في الأقسام الثلاثة القتيل مؤمن إلا أنه في الأول: مسلم في دار الإسلام، والثاني: مسلم في دار الحرب، والثالث: مسلم في دار أهل الذمة، وسنبين أحكام القتل والدية والكفارة بعد هذا على سبيل الجملة.