التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما 93}

صفحة 1695 - الجزء 3

  على وعيد القاتل لما زيد على هذا «خَالِدا فِيهَا» يعني دائمًا، واختلفوا في قبول توبته، وروي عن ابن عباس أنه لا تقبل، وسائر الصحابة يقولون بقبول توبته، ويدل عليه قوله عقيب قتل النفس: {إِلَّا مَن تَابَ} «وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ»: أبعده من رحمته وأخزاه «وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا» وهو عذاب النار.

  · الأحكام: الآية تدل على الوعيد من جهات:

  أحدها: قوله: «فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ» وذلك يدل أنه يستحق العقاب، ولا يستحق الثواب لتنافيهما، فإذا ثبت ذلك وجب ألا يوصف بأنه مؤمن على سبيل المدح، ويوصف بأنه فاسق، وتدل على أنه مخلد في النار، وتدل على أنه مغضوب عليه، وأنه تعالى يلعنه، ويدل قوله: «وَأَعَدَّ لَهُ» أن العذاب معد له، ولا يجوز الخلف في قوله.

  فإن قيل: فهل يشترطون التوبة؟

  قلنا: نعم؛ لأن التوبة تزيل العقاب، وللتوبة من القتل شرائط:

  منها: الندم على ما فعل لقبحه، والعزم على ألا يعود إليه، وتسليم النفس للقود، أو تسليم الدية على ما يوجبه الشرع، فإن كان هناك ورثة، صرفت الدية إليهم، وإن لم يكن فإلى الفقراء، ومنهم من أجاز وضعها في المصالح، واختلفوا هل فيه كفارة، على ما نبينه.

  *أقسام القتل

  ذكر محمد بن الحسن الكرخي أن القتل ثلاثة: عمد، وشبه عمد، وخطأ. وذكر أبو بكر الرازي أن أقسام القتل خمسة: عمد، وشبه عمد، وخطأ، وشبه خطأ، ونوع خارج من الأنواع الأربعة، ولكل واحد صفة وحكم: