قوله تعالى: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا 101}
  ثم ابتدأ ببيان صلاة الخوف في الجماعة فقال: «وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ» وروي ذلك عن جابر قال: صلاة الخوف ركعة. وقال أبو مسلم: المراد بالآية بيان صلاة السفر في الخوف جملة، وبالثانية «وِإذَا كُنتَ فِيهِمْ» تفسير ذلك الجملة. وقال صاحب النظم وجماعة: إن ابتداء الآية في صلاة السفر إلى قوله: «من الصلاة»، ثم ابتدأ ببيان صلاة الخوف فقال: «إن خفتم» بغير واو العطف، وكسر (إنْ) في القراءات يأتي بخبر لم يتم وينقطع، ويتصل به خبر آخر في الظاهر، وهو عنه منقطع، قال تعالى: {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ٥١ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ٥٢} فقوله: «ذلك» من كلام يوسف، وما قبله من كلام المرأة، وحمله على هذا: يعتد زيادة فائدة، وهو جواز القصر مع عدم الخوف، وتقديره على هذا: ليس عليكم جناح في قصر الصلاة في السفر، ثم ابتدأ، وقال: (إن خفتم الكفار) فإنهم لكم عدو، وصلوا صلاة الخوف، واختلف هَؤُلَاءِ في تقدير الآية ونظمها، قيل: إن خفتم الكفار أن يمنعوكم من الصلاة أو يفتنوكم، وكنت فيهم وأقمت لهم الصلاة فافعل كذا، والأول أوجه؛ لأنه يحتاج إلى التقديم والتأخير، والوجه القول الأول.
  · المعنى: «وإذَا ضَرَبْتُمْ» يعني سافرتم وسرتم «فِي الْأَرْضِ» أيها المؤمنون «فَلَيسَ عَلَيكُمْ جُنَاحٌ» أي حرج وضيق وإثم «أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ» فيه أقوال:
  أولها: قصر العدد من أربع إلى اثنتين، عن مجاهد والأصم وأبي علي وجماعة من المفسرين، وهو قول الفقهاء وهو الصحيح، وقيل: القصر إلى ركعة، عن جابر بن عبد اللَّه وجماعة.