التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما 110 ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما 111 ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا 112}

صفحة 1736 - الجزء 3

  ودفعتم «عَنْهُمْ» قيل: عن الخائنين «فِي الْحيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّه عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» هو استفهام، والمراد النفي؛ لأنه تقريع وتوبيخ يعني لا يجادل عنهم أحد يوم القيامة فيدفع منهم، قال اللَّه تعالى فأعذبهم في العذاب «أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيهِم وَكِيلاً» يعني لا يكون على الخائنين وكيلاً، قيل: كفيلاً لهم لينجيهم من العذاب، وقيل: قائمًا يقوم بأمرهم ويتولى معونتهم، وقيل: شاهدًا يشهد عليهم بأنهم لم يفعلوا ذلك كما فعلوه في الدنيا.

  · الأحكام: تدل الآية على أن المجادلة عن الخونة والفسقة محظور ذكر ذلك توكيدًا لما تقدم في الآية قبلها.

  وتدل على وعيد عظيم حيث بيّن أنه لا يخفى عليه شيء من ذلك.

  وتدل على أن من رمى غيره بذنب وهو منه بريء فقد ارتكب عظيمًا، وإذا كان رمي الناس كذلك فرمي اللَّه بالقبائح التي هو منها بريء أولى وأعظم، ومن زعم أن السرقة وكل كفر وفساد خَلْقُه وإرادته ومحبته، وأنه يمنعه من صده فقد أعظم الفرية على اللَّه.

  وتدل على أن يوم القيامة لا دافع عن الخائنين، فيبطل قول المرجئة في الشفاعة وتدل على أنه ينبغي أن يجادل بالحق، وذلك لا يصح إلا بعد أن يعلم الحق.

  وتدل على ضروب من الوعظ والزجر إذا تدبرها العاقل كان لطفًا عظيمًا في فعل الطاعة والانتهاء عن المعصية.

قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ١١٠ وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ١١١ وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ١١٢}