قوله تعالى: {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما 110 ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما 111 ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا 112}
  ابن عباس أن قوله: «وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا» نزلت في عبد اللَّه بن أبي لَمّا خاض في الإفك وكان من أهل الإفك على عائشة ^ وكانت بريئة.
  فإن قيل: فعلى هذا كيف تتصل الآية بما قبلها؟
  قلنا: بَيَّنَ أن الذب عن الخائن في العظم كرمي البريء في أن كل واحدٍ يوجب عظيم العقاب.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى طريق التلافي مما سبق منهم، فقال تعالى: «وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا» أي معصية وأمرًا قبيحًا ويظلم نفسه بارتكاب المعاصي، وقيل: يعمل سوءًا أي يظلم غيره أو يظلم نفسه، وقيل: سوءًا بأن يسرق الدرع، ويظلم غيره بأن رمى بها بريئًا «ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّه» أي يتوب إليه ويطلب منه المغفرة؛ لأن الاستغفار مع الإصرار من غير التوبة لا يصح «يَجِدِ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا» أي ساترًا لذنوب عباده رحيمًا بهم؛ إذ جعل لهم طريقًا لنجاتهم وهو التوبة، وفي الكلام حذف دل عليه تقديره: يجد اللَّه غفورًا رحيمًا به؛ لأنه تعالى غفور رحيم قَبِلَ استغفاره وتوبته، ثم بَيَّنَ تعالى أنه إن لم يتب وأصر فإنما ضرره عائد عليه فقال تعالى: «وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا» أي يعمل ذنبًا «فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ» يعني وبال فعله يعود عليه فكأنه جنى على نفسه وقصد إضراره «وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا» قيل: عليم بكسبه حكيم في عقابه، وقيل: عليم بأفعال عباده حكيم في قضاياه فيهم، وقيل: عليم بالظالم والمظلوم حكيم في قضائه بينهم، وقيل: عليم بالسارق حكيم في إيجاب القطع، ثم بَيَّنَ تعالى أن من ارتكب إثمًا ثم قذف به غيره كيف يعظم عقابه، فقال تعالى: «وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً» قيل: يعمل ذنبًا على عمدٍ أو غير عمد «أَوْ إِثْمًا» ذنبًا تعمده وقيل: الخطيئة الشرك والإثم ما