قوله تعالى: {ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما 113 لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما 114}
  · القراءة: قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي في رواية قتيبة: «فسوف يؤتيه» بالياء ردوا الكناية إلى اسم اللَّه تعالى، والباقون بالنون والتفخيم.
  · اللغة: الهَمُّ: ما هممت، وكذلك الهمة.
  والهُمام: الملك العظيم الهمة.
  والإضلال: أصله الإهلاك بالعدول عن طريق النجاة إلى طريق الهلاك.
  والنجوى قال علي بن عيسى: هو الإسرار عند سائر أهل اللغة، منهم ابن دريد والخليل، قال: وزعم الزجاج أن معنى النجوى ما ينفرد به الجماعة أو الاثنان سرًّا كان أو ظاهرًا، وهو غلط منه، يقال: فلان نَجِيُّ فلان أي مناجيه، والقوم أنجية، وأصل النجوة: الارتفاع، فسمي الإسرار نجوى؛ لأنه رفع السر عنك بإظهاره لغيرك، ونَجَوْتُ الجلدَ: أي كشطتُهُ؛ لأنك رفعته عن موضعه بإزالته، والنجا: السرعة؛ لأنه ارتفاع فيه، ومنه: النجاءَ النجاءَ في كلام أمير المؤمنين أي إسراعًا إلى الطاعة.
  · الإعراب: يقال: ما موضع (مَنْ) من الإعراب في قوله: «إلا من أمر بصدقةٍ»؟
  قلنا: فيه ثلاثة أوجه:
  الأول: موضعها جر على الإتباع لـ (الكثير)، يعني: لا خير في كثير من نجواهم إلا فيمن أمر بصدقة، كقولك: لا خير في القوم إلا في نفر منهم، وتكون النجوى ههنا بمعنى المتناجين، نحو: {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى}.