التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما 113 لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما 114}

صفحة 1742 - الجزء 3

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى فضله ولطفه برسوله أن صرف عنه كيدهم وعصمه من الميل إلى قولهم في الذب عن الخائنين، فقال تعالى: «وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيكَ وَرَحْمَتُهُ» قيل: فضله: النبوة، ورحمته: نصرته بالوحي حتى حكم بالعدل دون ما أراد قوم [طعمة]، عن الأصم، وقيل: هو تأييده بألطافه ونعمه، عن أبي علي، وقيل: هو الإسلام والقرآن، وقيل: حراسته وحفظه وصرف كيد المنافقين عنه، عن أبي مسلم، «لَهَمَّتْ» أصرت وقصدت «طَائِفَةٌ» جماعة «مِنْهُمْ» من هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تقدم ذكرهم «أَنْ يُضِلُّوكَ» عن الحق، فيه أقوال:

  [الأول] قيل: هم الَّذِينَ شهدوا للخائنين من بني أبيرق بالبراءة، عن ابن عباس والحسن وأبي علي، يعني همت جماعة أن يزيلوك عن الحق بشهادتهم للخائن حتى أطلع اللَّه رسوله على أسرارهم، وقيل: كانوا مسلمين، عن الحسن، وقيل: كانوا كافرين، عن أبي علي.

  الثاني: وفد ثقيف التمسوا منه ما لا يجوز، عن ابن عباس.

  الثالث: لولا فضل اللَّه عليك ولطفه لهمّ المنافقون إضلالك وإدخالك في الكفر معهم، عن الأصم.

  الرابع: لولا حفظه لهمت طائفة من المنافقين أن يضلوك يهلكوك ومثله: {وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا}، وهو ما روي أن طائفة من المنافقين هموا بقتله حتى صرف اللَّه عنه كيدهم، ذكر الوجهين أبو مسلم، وقيل: أن يضلوك دعوك إلى الخطأ في الحكم، عن الأصم.

  «وَمَا يُضلِّونَ إلَّا أَنفُسَهُمْ» أي ما يزيلون عن الحق إلا أنفسهم، وقيل: وما يهلكون إلا أنفسهم، والمعنى: أن وبال ما هموا به من الإضلال والإهلاك يعود عليهم حين لم يضرك شيء، واستحقوا العذاب الدائم «وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيءٍ» قيل: لا يضرونك بشهادة؛ لأن اللَّه تعالى يسددك في أمورك، ويبين لك ما أضمروا حتى لا تجيبهم إلى ما التمسوا، وقيل: هم وفد ثقيف لم يضروه بما التمسوا؛ لأنه ثبت بلطف اللَّه فلم