قوله تعالى: {إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا 117 لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا 118 ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا 119 يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا 120 أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا 121}
  والمحيص: العدل، حاص عن الأمر يحيص حيصًا وحُيُوصًا نحو: عدل عنه يعدل عدلاً وعدولاً، ويُقال: حِصْنَا عنه حَيْصَة، والمحاص: المفر والملجأ، ونظيره المحيص: المعدل والمصرف، وقيل: المحيص: المرواغة والهرب.
  · الإعراب: (إن) على أربعة أوجه: الأول للنفي كقوله: «إن يدعون» معناه: لا يدعون.
  والثاني: التأكيد على أنها المخففة من الثقيلة، نحو: {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ ٣٢}.
  وثالثها: الجزاء، نحو: {وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ٥٧} والرابع: الزيادة، نحو: ما إن جاءني زيد، أي ما جاء زيد.
  ويقال: ما أصل اللات والعزى في اللغة، حتى أنث كتأنيث الأصل؟
  قلنا: أصل اللات الصخرة، وأصل العزى شجرة، إلا أنهم نقلوها إلى الأوثان فجعلوها عليها عَلَمًا.
  ويقال: ما الفرق بين أولئك وهَؤُلَاءِ؟
  قلنا: «أولئك» لما بَعُدَ و «هَؤُلَاءِ» لما قَرُب، ونظيرهما: هذا وذاك، وإنما قيل: أولئك؛ لأن ذكرهم قد مضى، فصار بمنزلة البعيد في المكان.
  · النزول: قيل: نزلت في أهل مكة، وكانوا يعبدون على ما حكى اللَّه عنهم اللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى.
  · المعنى: لما ذكر اللَّه تعالى المشركين في الآية المتقدمة، وذكر ضلالهم فسر ذلك في هذه الآية، فقال تعالى: «إِنْ يَدْعُونَ» أي ما يدعون هَؤُلَاءِ المشركون وما يعبدون، وقيل: يدعونه آلهة «مِنْ دُونِهِ» من دون اللَّه «إِلَّا إِنَاثًا» قيل أوثانًا، وكانوا يسمونها باسم