التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما 129 وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما 130}

صفحة 1769 - الجزء 3

  الشافعي: لا يجوز. وصلح على السكوت لا يقر، ولا ينكر، فمنهم من أجازه، وهو قول الحنفية، ومن الناس من لا يجوزه، وقد قال مشايخنا: الصلح عن المجهول جائز، وعلى المجهول لا يجوز.

  ولا يجوز الصلح في بدل الأبضاع والدماء، بخلاف الأموال والحقوق.

قوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ١٢٩ وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ١٣٠}

  · اللغة: الاستطاعة من الطوع يقال: تطاوع لهذا الأمر حتى تستطيعه، وتطوع: تكلف استطاعته، والاستطاعة والقوة والقدرة من النظائر.

  والغنى: سعة المقدرة والمنافي للحاجة.

  والسعة: خلاف الضيق، وهو في صفات اللَّه تعالى سعة المقدور، أو سعة الرحمة.

  · المعنى: لما تقدم ذكر النشوز والمصالحة بين أن العبد إنما يطالب بما يقدر عليه، دون ما لا يقدر عليه، وأن تكليفه يتعلق بما يستطيعه تأديبًا منه تعالى، فقال سبحانه: «وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَينَ النِّسَاءِ» فيه قولان:

  الأول: لا تطيقون العدل بالتسوية بينهن في المحبة؛ لأن ذلك مما لا تقدرون عليه، عن ابن عباس وعبيدة السلماني والحسن وقتادة.

  والثاني: أن تعدلوا بالتسوية في الأموال مع اختلاف الدواعي التي تصرف عن