التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا 135}

صفحة 1780 - الجزء 3

  يعني وإن كانت الشهادة على والديه، وقيل: كانت الشهادة للوالدين والولد جائزة في ابتداء الإسلام ثم نسخ، عن ابن شهاب، وقيل: المراد على الوالدين لهما، وذلك مقبول بالاتفاق «وَالأَقْرَبينَ» يعني وإن كانت الشهادة على الأقربين في الرحم منكم، فلا تميلوا إليه، ولكن أَقيموها بالقسط «إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا» يعني لا تحابوا غنيًّا لغناه، ولا ترحموا فقيرًا لفقره «فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا» يعني أولى بأن يحكم عليهما بما فيه الصلاح، وقد سوى بين الفقير والغني فيما أمركم به، «فَلاَ تَتَّبِعُوا» أنتم «الْهَوَى» وقيل: لا تكن شهادتكم للهوى، وقيل: لا تتبعوا الهوى بالميل إلى أحد الخصمين في الحكم والشهادة، ولكن اتبعوا أمر اللَّه وإعانة المظلوم «أَنْ تَعْدِلُوا» قيل: معناه لا تتبعوا الهوى لتعدلوا كقولهم: لا تتبع هواك ليرضى ربك، عن الفراء، وتقديره: لا تتبع هواك كيما يرضى ربك، وقيل: فيه إضمار؛ لأن تقديره: لا تتبعوا الهوى أن تعدلوا أي: لا تقوموا بالعدل، قيل: لتعدلوا لتصرفوا الحق إلى غير أهله، عن الأصم «وَإِنْ تَلْوُوا» قيل: تلوي لسانك أيها الشاهد بالشهادة فتحرفها، ولا تقيمها بالقسط، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد والضحاك وعطية، وقيل: تلووا فتُدفعوا إلى إقامة شهادتكم من لي الغريم، وقيل: تلووا أعناقكم عما أمركم اللَّه تعالى به متغافلين، فلن يخفى فعلكم عليه، عن أبي مسلم، وتلووا: قيل: تلوا أمور الناس من الولاية يعني وإن وليتم الحكم والشهادة فلا تغيروها عن وجهها «أَوْ تُعْرِضُوا» قيل: عن الشهادة فتكتموها ولا تقيموها، وقيل: اللَّيُّ ببذل الشهادة، والإعراض كتمانها «فَإِنَّ اللَّه كَان بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا» يعني عليمًا بما تعملون فيها من التبديل والكتمان يجازيكم به، وأدخل (كان) ليعلم أنه كان عليمًا لم يزل بما يفعله العباد.

  · الأحكام: في الآية أحكام وفوائد: