قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا 136 إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا 137}
  الثاني: هم طائفة من أهل الكتاب قصدت تشكيك المسلمين، فكانوا يظهرون الإيمان به، [ويُبْطِنُون] الكفر على ما قالوا {آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ٧٢}.
  ثم ازدادوا كفرا بموتهم على الكفر، عن الحسن.
  الثالث: هم المنافقون آمنوا ثم ارتدوا، ثم آمنوا ثم ارتدوا، ثم ماتوا على كفرهم بِاللَّهِ، عن مجاهد وابن زيد وابن عباس، دخل فيه كل منافق كان على عهد رسول اللَّه ÷ في البر والبحر «لَمْ يَكُنِ اللَّه لِيَغْفِرَ لَهُمْ» قيل: لا يستر عليهم كفرهم بل يفضحهم، ويدخلهم النار، ولا يهديهم طريق الجنة، وقيل: لا يغفر لهم من حيث أن إيمانهم غير صحيح، وإنما يغفر للتائب، «وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا» إلى النجاة من النار، ولا يجوز حمله على أنه لم يهدهم إلى الإيمان لأنه تعالى هدي الجميع، وبَيَّنَ السبيل، ولأنه أضاف الكفر إليهم، وإنما كرر ذكر الكفر وإن كان لا يغفر لمن كفر مرة تقبيحًا لأمرهم، وتعظيمًا لكفرهم.
  · الأحكام: تدل الآية على أن الأنبياء والكتب كلها سواء في وجوب الإيمان، وإن اختلفوا في وجوب التمسك بشريعة واحد دون آخر، كما يلزمنا الإيمان بالجميع وإن لم يلزمنا التمسك إلا بشريعة نبينا ÷.
  وتدل على أن من كفر بواحد صار بمنزلة من كفر بالجميع، وإن اختلفا في قدر العذاب.
  وتدل على أن المؤمن قد يكفر بعد الإيمان خلاف ما قاله بعض المتأخرين.
  وتدل على القطع أن الكافر لا يغفر له ولا يهديه طريق النجاة.
  وتدل على أن الإيمان والكفر من جهة العباد، لذلك أضافها إليهم، ولحق بهم المدح والذم خلاف قول الْمُجْبِرَةِ.
  وتدل على أن الثواب والعقاب جزاء على الأعمال.