التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا 141}

صفحة 1792 - الجزء 3

  ذلك في ديننا، فأما أبو علي ففصل بين المجلس والقرب، وقال: يحرم القعود في المجلس لما فيه متي الإيهام، فأما إذا أظهر التباين وإن قرب فلا يحرم، ولا خلاف أنه إذا أنكر لا يحرم عليه القعود معهم؛ ولذلك تقعد العلماء مع أهل الضلالة يناظرونهم، ويجب لهم بذلك الثواب العظيم.

  وتدل الآية على جواز القعود مع أهل المنكر إذا فارقوا المنكر، وهذا أيضًا يجب أن ينظر فيه، فإن كان فيه تهمة وجب المفارقة، وإن خاف الفتنة وجب المفارقة، فأما إذا عدم جميع الوجوه جاز.

  وتدل على أن الراضي بالاستهزاء بالرسول والدين كافر؛ لذلك قال: «إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ».

  وتدل على أن الرضا بالكفر كُفْرٌ.

  وتدل على أن أفعال القلوب يؤاخذ بها.

  وتدل الآية أن عذاب الكافر والمنافق مقطوع به.

  وتدل على أن الرضا بفعل المنافق كفر، وليس بنفاق؛ لذلك قال: «إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ».

  وقال شيخنا أبو علي: وتدل على إثبات الأعراض، وبطلان قول الأصم؛ لأنه جعل بعضه غير بعض، فدل أنه غير الجوهر، وأنها أعراض متغايرة.

قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ١٤١}