التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا 141}

صفحة 1793 - الجزء 3

  · اللغة: التربص: الانتظار، يقال: لي في هذا رُبْصَةٌ، أي: انتظار.

  والاستحواذ قيل: أصله الحوط، يقال: حاده يحوده حودًا، بمعنى حاطه يحوطه حوطًا، وقيل: أصله الاستيلاء، عن الزجاج، وهما متقاربان؛ لأن المستولي على الشيء بمنزلة المحيط به، قال العجاج:

  يَحُوذُهُنَّ وله حُوذِيُّ

  ويقال: أحوذ الرجل ثوبه إذا استولى عليه في ضمه إليه، ويقال: حاذها إذا ساقها بعنف، والإحواذ: السير السريع، والأحوذي: الخفيف.

  · الإعراب: قال النحويون: «استحوذ» خرج على الأصل من غير إعلال، كما أعل «استعاذ واستطاع» وما أشبه ذلك، وقيل: «استحاذ يستحيذ» على قياس الباب، والأول أحسن؛ لأنه الإعلال وبقي هذا على الأصل إشعارًا به، وهو «حاذ يحوذ».

  · المعنى: ثم أخبر عن سوء أفعال المنافقين عطفا على ما تقدم من ذلك، فقال سبحانه: «الَّذِينَ» يعني المنافقين «يَتَرَبَّصُونَ» أي: ينتظرون «بِكُمْ» أيها المؤمنون يعني بأمركم «فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ» غنيمة وظفر على الأعداء «قَالُوا» يعني المنافقين يقولون للكافرين «أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيكُمْ» قيل: ألم نستول عليكم، بالنصر والمعونة لكن من جهة مراسلتنا إياكم بأخبار عدوكم وتخذيلنا عنكم، قيل: ألم نطلعكم على إسرار