التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا 159}

صفحة 1819 - الجزء 3

  الخبر، وهو جائز لا مانع منه، فلا وجه لإنكاره، وأجمع المفسرون على ذلك، وإنما تفرد أبو مسلم بإنكاره، وما ذكره يحتمل، غير أن الإجماع سبقه، وهو محجوج به.

قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ١٥٩}

  · اللغة: الشهيد: فعيل من الشاهد، والشهادة: الإخبار عما شوهد، وأصله من المشاهدة، والشهيد: القتيل في سبيل اللَّه، قيل: لأن ملائكة الرحمة تشهده، وقيل: لأنهم من الشهداء يوم القيامة، وقيل: لأنهم شهدوا الوقعة، وقيل: لسقوطه بالأرض، والأرض الشاهدة.

  · الإعراب: الفاعل في «ليؤمنن» ضمير يعود إلى محذوف، على تقدير: وإن من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن به، ومثله: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ} أي: ما منا أحد، والضمير في قوله: «لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ» إلى مَنْ يرجع في الكنايتين؟ فيه أقوال: قيل: كلاهما يرجع إلى المسيح يعني الكتابي يؤمن بعيسى قبل موت عيسى إذا خرج في آخر الزمان، عن ابن عباس والحسن وقتادة والربيع وابن زيد، وقيل: الأول يعود على عيسى، والثاني على الكتابي، على تقدير: يؤمن بعيسى قبل موت الكتابي، عن ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة والضحاك والسدي وجويبر وابن سيرين، وقيل: الأول يعود على محمد، والثاني على الكتابي، تقديره: يؤمن بمحمد قبل موت الكتابي، عن عكرمة بخلاف. وقيل: الأول يعود على اسم اللَّه، والثاني على الكتابي تقديره: يؤمن بِاللَّهِ وحده قبل موته في وقت المعاينة، وفي القولين الآخرين بُعْدٌ؛ لأنه لم يجر لهما ذكر، والصحيح الثاني؛ لأنه عام فلا يخص من غير دليل. و (يوم) نصب على الظرف في قوله: «ويوم القيامة».