قوله تعالى: {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا 160 وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما 161}
  · المعنى: ثم بين تعالى أنهم وإن اختلفوا في أمر عيسى فإنهم يؤمنون به، فقال سبحانه: «وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ» يعني اليهود والنصارى؛ لأن جميعهم مبطلون: اليهود في بغضه، والنصارى في الغلو في أمره «إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ» قيل: بِاللَّهِ، وقيل: بعيسى، وقيل: بمحمد على ما تقدم «قَبْلَ مَوْتِهِ» قيل: قبل موت عيسى، وقيل: قبل موت الكتابي، واختلفوا في وقت الإيمان به، فقيل: وقت [المعاينة]، عن أبي علي وأبي مسلم، وقيل: وقت نزوله من السماء لقتل الدجال، وقد ورد الخبر به، ولا مانع منه غير أنه ينزل إما في وقت رفع التكليف، أو ينزل على وجه لا يعرف؛ لأن خلاف ذلك لا يجوز؛ لأنه لا يخلو إما أن يكون نبيًّا، ولا نبيَّ بعدَ محمد ÷، أو يكون غير نبي، ولا يجوز عزل النبي ÷ عن النبوة «وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيهِمْ شَهِيدًا» قيل: عيسى يشهد عليهم بتصديق مَنْ صدقه وتكذيب من كذبه، عن أبي علي، وقيل: شهيد بأنه بلغ الرسالة، وأقر بالعبودية على نفسه، عن ابن جريج وقتادة، وقيل: شهيدًا على اليهود أنهم كذبوه، وعلى النصارى أنهم أشركوا به، وكذلك كل نبي شاهد على أمته.
  · الأحكام: تدل الآية على أن كل كافر يؤمن عند المعاينة.
  وتدل على أن إيمانه لا يقبل؛ لأنه ملجأ إلى الإيمان، فتدل على أن الإيمان لو كان خلقًا لله تعالى لما أثيب عليه كإيمان الملجأ؛ لأن ذلك أشد، وفي قبوله دليل على فساد قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق والاستطاعة.
قوله تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا ١٦٠ وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ١٦١}