قوله تعالى: {لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما 162 إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داوود زبورا 163}
  قلنا: فيه أقوال:
  الأول: أنه نصب على المدح، وهو في معنى صفة الراسخين، قال الزجاج:
  وهو مذهب البصريين، قال الشاعر:
  لا يَبْعَدَنْ قَوْمي الَّذِينَ هُمُ ... سُمُّ العِدَاة وآفَةُ الجُزْرِ
  النَّازِلين بكُلِّ مُعْتَرَكٍ ... والطَّيبّونَ مَعاقِد الأَزْرِ
  على معنى اذكر النازلين، وكذلك اذكر المقيمين أو أعني المقيمين، وقد ينصب على المدح على معني اذكر أو أعني، ويرفع على معنى هو كذا.
  الثاني: أن يكون موضعه جرًّا عطفا على (ما) التي في قوله: «بما أنزل إليك» على تقدير: يؤمنون بالمنزل إليك، وبالمقيمين الصلاة؛ أي: المنيبين المقيمين الصلاة، وعلى هذا هم غير الراسخين.
  الثالث: أن «المقيمين» من صفة «الراسخين» لكنه لما طال الكلام واعترض بينهما كما اعترض نصب على المدح، على تقدير: أعني المقيمين.
  الرابع: أنه عطف على الضمير في «منهم»، تقديره: لكن الراسخون في العلم منهم ومن المقيمين الصلاة، وقيل: هذا ليس بالقوي؛ لأنه لا يعطف على المضمر المجرور بغير إعادة الجار.
  الخامس: قيل: إن هذا غلط وقع من الكاتب، روي ذلك عن عائشة وأبان بن عثمان، وهذا لا يصح؛ لأنه لو كان كذلك لما تركه الصحابة والتابعون والمسلمون بعدهم، وفي صلحوه مع تشديدهم في أمر القرآن، ويبعد أن يصح ذلك عن عائشة.
  · النظم: لما تقدم ذكر أهل الكتاب وما هم عليه من الكفر والضلال استثنى منهم من آمن