التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب 2}

صفحة 1857 - الجزء 3

  غادر، وما الرجل بمسلم»، ثم مر على سرح المدينة فاستاقها، فطلبه أصحاب رسول اللَّه ÷ ففاتهم وحضر الحج، فأقبل البكري حاجًّا، وقد قلد وأهدى، فأراد المسلمون أن يبعثوا إليه، ويأخذوا ما معه، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، واختلفوا في اسمه فقيل: الحكم بن هند البكري، وقيل شريح بن ضبيعة البكري، وقيل: جاء ناس من المشركين يوم الفتح يؤمون البيت، فقال المسلمون: يا رسول اللَّه، إنما هَؤُلَاءِ مشركون، فدعنا نُغِرْ عليهم، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية: «وَلاَ آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ»، وقيل: نزلت في النهي عن الطلب بدخول الجاهلية.

  · النظم: قيل: لما ذكر أنه يحكم ما يريد بين الأحكام، عن الأصم، وقيل: لما قال: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» بين تفصيل ذلك فقال: «لاَ تُحِلُّوا ...» إلى آخر الآية.

  · المعنى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» أي صدقوا اللَّه ورسوله فيما أوجب عليهم «لاَ تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّه» أي تستحلوا ماحرم اللَّه عليكم مجاوزة حده، وقيل: لا تحولوا عن تعظيم المشاعر والأشهر، وقيل: لا تمنعوا الكفار من التمسك بشعار الحرم، و «شعائر اللَّه» قيل: مناسك الحج، عن ابن عباس ومجاهد وأبي مسلم، وقيل: فرائض اللَّه التي حدها لعباده، عن عطاء والأصم، واختاره القاضي، وقيل: دين اللَّه، عن الحسن، وقيل: لا تحلوا ما حرم اللَّه في حال إحرامكم من الصيد ونحوه، وقيل: هي العلامات المنصوبة في أوائل الحرم للفرق بين الحل والحرم، فنهوا أنْ يجاوزوها