التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب 2}

صفحة 1860 - الجزء 3

  · الأحكام: تدل الآية على أن تحليل ما ذكره لا يجوز، وما لا يجوز تحليله إما أن يكون فرضا أو حراما، وكلا الأمرين لا يجوز أن يحله.

  وتدل على المنع من القتال في الأشهر الحرم، ومن المنع من المسجد الحرام، واختلفوا فقيل: إنها منسوخة بقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}، وبقوله: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} وقيل: إنها مُحْكَمَة والمراد بها المؤمنون، وألّا يزولوا عن وجوبها، والتمسك بها، وروي نحوه عن الحسن، وذكر أبو مسلم أن المراد بها الكفار الَّذِينَ كانوا في عهد النبي فلما زال العهد بسورة براءة زال ذلك الحظر ووجب ما قال اللَّه تعالى: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} ولهذا اختلفوا فقال بعضهم: لا نسخ في سورة المائدة، وقال بعضهم لا نسخ إلا هذه الآية.

  وتدل على المنع من استحلال الهدي والقلائد، وقد بينا ما قيل فيه، وتدل على أن التقليد في الشرع مستحب؛ فلذلك صار بمنزلة المقلد في وجوب التصديق بها.

  وتدل على أن من قصد البيت يجب أن ينوي التقرب إلى اللَّه تعالى، لذلك قال: «يبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ».

  وتدل على أن الاصطياد يحل لأن قوله: «فَاصْطَادُوا» إباحة.

  وتدل على أن لحم الصيد حلال؛ لأنه المبتغى بالصيد، وتدل على أنه حل بعدما حرم الإحرام، ولا شبهة أن الاصطياد حرام على المحرم، فكذلك الإشارة والدلالة والإعانة على الصيد، فأما ذبيحته فعند الأكثر أنه ميتة لا يحل أكله، وقال بعضهم: يحل.