التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم 3}

صفحة 1868 - الجزء 3

  يدها، وروي عن أمير المؤمنين نحو ذلك، والذكاة قطع في الحلقوم والمريء والودجين، «وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ» أي وحرم ما ذبح على النصب وذكر عليه اسم الأوثان، وقيل: ذبح للأوثان تقربًا لها، واللام و (على) يتعاوران، قال تعالى: {فَسَلَامٌ لَّكَ} أي عليك، وقيل: النصب الأوثان التي ينصبونها، ويعبدونها، عن ابن جريج وقتادة ومجاهد، وقيل: كانوا يقربون ويلطخون أوثانهم بدمائها، وقيل: النصب كانت أحجارًا منصوبة حول الكعبة، وروي أن المسلمين قالوا: يا رسول اللَّه كان أهل الجاهلية يعظمون البيت بالدم، فنحن أحق بالتعظيم فنزل {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاَؤُهَا} الآية. «وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلاَمِ» قيل: أن تطلبوا علم ما قسم لكم بالأزلام، وهي القداح، وذلك أن أهل الجاهلية إذا أراد أحدهم سفرًا أو تجارة، أو أمرًا أجال القداح، وهي ثلاثة: على واحد أمرني ربي، وعلى واحد نهاني ربي، وواحد غفل لا شيء عليه، يسمى المبيح، فإذا خرج الأمر مضى في أمره، وإذا خرج الناهي قعد عنها، وإذا خرج المغفل أجالها ثانية، عن الحسن وجماعة من المفسرين، وقيل: كانت الأزلام سبعة عند هبل أعظم أصنام قريش، فكانوا يضربونها عنده، بعد تقديم قربان لها ثم ينتهون في أمورهم إلى ما يخرج من القداح، عن ابن إسحاق، وقيل: هم كفار فارس والروم الَّذِينَ يتقامرون بها عن مجاهد، يعني بالكعاب، وقيل: هو الشطرنج، عن سفيان ووكيع «ذَلِكُمْ فِسْقٌ» قيل: خروجكم عن أمر اللَّه وطاعته، وقيل: مَنْ فعل ذلك صار فاسقًا، ويحتمل أن يرجع إلى الأزلام، وذلك كفر، ويحتمل أن يرجع إلى ما تقدم من التحريم والتحليل، فمن خالف فيه تمردًا فقد كفر، ومن خالفه معتقدًا تحريمه فسق «الْيَوْمَ» قيل: يوم عرفة في حجة الوداع، عن ابن عباس ومجاهد وابن زيد، وقيل: هو المراد بقوله: «الْيَوْمَ