التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم 3}

صفحة 1869 - الجزء 3

  أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ»، عن الحسن وقيل: هو يوم فتح مكة حكاه أبو مسلم، وقيل: لم يرد يومًا بعينه، وأراد الآن كما يقال: كبرت اليوم، عن الأصم، وأبي مسلم «يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا» أي انقطع رجاؤهم، وقيل: يئس أن يرتدوا راجعين إلى دينهم، عن ابن عباس والسدي وأبي علي، وقيل: انقطع طمعهم أن يظهروا عليكم، عن الأصم، وقيل: يئسوا من بطلان الإسلام، وجاءكم ما وُعدتم من النصر، عن أبي مسلم «فَلا تَخْشَوْهُمْ» أي لا تخافوا الكفار أن يظهروا عليكم، عن ابن جريج، وقيل: لا تخافوا فإني لا أجعل لهم سبيلاً بل أنصركم عليهم «وَاخْشَوْنِ» أي خافوني إن خالفتم أمري «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ» قيل: الفرائض والحدود، والأحكام، أتممت جميع ذلك فلم ينزل بعده تحريم ولا تحليل ولا شرع، عن ابن عباس والسدي، وأبي علي، وقيل: بينت لكم أمر الحج وسننه، وقيل: أتممت دينكم حتى لم يحج معكم مشرك، عن سعيد بن جبير، وقتادة، وقيل: أتممت دينكم بما أعطيتكم من أنواع العلم والحكمة مما لم يُعطَ نبي ولا أمة، وقيل: تمامه أنه ألا يزول كما زالت شرائع الأنبياء، وقيل: أتممت اليوم وهو زمن النبي في دين إبراهيم فقد كانوا يتمسكون ببعض مناسك الحج فأكمل ذلك بالنبي ÷ وزاد فيها شرائع، وأتم النعمة بظهورهم على الأديان، عن أبي مسلم «وَأَتْمَمْتُ عَلَيكُمْ نِعْمَتِي» قيل: بإكمال الدين وبرهان الشرع، ورضائه بالإسلام دينًا لنا، وقيل: بإظهاركم على عدوكم، ونفيهم عن بلادكم، حتى دخلتم مكة آمنين، وحججتم مطمئنين، لم يخالطكم أحد من المشركين «وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا» وهو شرائع محمد ÷ ودينه لم يزل اللَّه يصرفه في درجات الإسلام حتى أكمل دينه ورضي عنهم باتخاذه دينًا «فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ» عاد الكلام إلى القصة المتقدمة في التحريم والتحليل، وإنما ذكر ما تقدم