التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم 3}

صفحة 1871 - الجزء 3

  وتدل على تحريم التمسك بالفأل والزجر والتطير والنجوم وغير ذلك، والتفاؤل بالخير مباح، قال الأصم: ومن هذا قول المنجم إذا طلع نجم قال: اخرج، وإذا طلع آخر قال: لا تخرج لم يفترقا إلا في المستقسم به.

  ويدل قوله: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ» على أنه أتم اللَّه الدين وأنه لا يحتاج فيه إلى شيء آخر خلاف ما تقوله الغلاة والرافضة.

  وتدل على أن الدين خلال كثيرة حتى يصح فيه الإتمام والإكمال، وتدل على أنه اسم لأفعال الجوارح.

  وتدل على أن الدين والإسلام واحد.

  وتدل على أنه لا يريد المعاصي؛ إذ لو أرادها لرضيها، وإكمال الدين ببيان شرائعه وأدلته والهداية إليه؛ لأن ذلك من أعظم النعم.

  ومتى قيل: أليس عندكم أنه يحتاج فيه إلى النظر والقياس والاجتهاد، كذلك عندنا يحتاج إلى إمام؟

  فجوابنا أنه تعالى إذا بين الأصول ونصب الأدلة فقد أزاح العلة، فمن ترك النظر.

  فمن جهته أتي كما نقول في العقليات، فأما عندكم فالمكلف لا يمكنه التوصل إلى ذلك بنفسه.

  وتدل على أن النبي ÷ آخر الأنبياء، وأن شريعته لا تنسخ؛ لأنه لو جاز بعده نبي لما استقر الدين على هذا الحد.

  وتدل على أنه لا يجوز اخترامه بعد ذلك كما يجوز تنقيته بخلاف ما قبل الإتمام.