التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين 5}

صفحة 1880 - الجزء 3

  «وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ» قيل: اليهود والنصارى وهم أهل الكتاب، واختلفوا في الطعام على ثلاثة أقوال:

  الأول: قيل: الذبائح، وخص أهل الكتاب لأن ذبيحة المجوسي وعَبَدَةِ الأوثان لا تحل، عن الحسن والزهري والشعبي وعطاء وقتادة وهو قول أبي علي وأكثر المفسرين والفقهاء، وقيل: لا تحل ذبائحهم، والمراد بالطعام الحنطة والشعير وما لا يحتاج فيه إلى الذكاة، عن القاسم ويحيى @، يقال: سوق الطعام ويراد به الحنطة، وقيل: الذبيحة وغيرها مما يطعم، عن أبي علي، وروى ربيعة عن ابن عمر قال: لا تأكلوا ذبائح النصارى فإنهم يذبحون باسم المسيح ابن مريم. واختلفوا في نصارى العرب، فقيل: تحل ذبائحهم، عن ابن عباس والحسن وسعيد بن المسيب والشعبي وقتادة، وعليه أكثر العلماء، وخالف في ذلك الشافعي، وهو محجوج بالإجماع، فأما بنو تغلب فروي عن علي النهي عن ذبيحتهم؛ لأنه رآهم ليسوا بنصارى في الحقيقة، وعن ابن عباس بخلاف. «وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ» يعني ذبائحكم، عن ابن عباس وأبي الدرداء والحسن ومجاهد وقتادة وإبراهيم والسدي وأكثر المفسرين، وقيل: حل لكم بأن تهبوا منهم، ونحوه عن الأصم «وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ» فيه حذف، أي: أحل لكم نكاح المحصنات، وقيل: أراد الحرائر، عن مجاهد وأبي علي، وقيل: العفائف، عن الحسن والشعبي وسفيان وإبراهيم، فعلى القول الأول لا تدخل الإماء مع القدرة على طَوْلِ الحرة في الإباحة، وعلى القول الثاني تدخل مع القدرة على طَوْلِ الحرة، وهو قول أهل العراق «وَالْمُخْصَئَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلِكُمْ» أي: أعطوا الكتاب وهم اليهود والنصارى، واختلفوا في معناه، قيل: هم نساء أهل الكتاب عن أكثر الفقهاء والمفسرين، وقيل: الَّذِينَ آمنوا منهم إزالة للشبهة. أن من كانت يهودية فآمنت يجوز أن يتزوج بها، عن يحيى والقاسم @، وروي عن ابن عمر نحوه، ثم اختلفوا فقيل: أراد الحرائر من أهل