قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون 6}
  · المعنى: لما تقدم الأمر بالوفاء بالعقود بَيَّنَ من تفاصيل ذلك إقام الصلاة وشرائطها، فقال سبحانه: «يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» وقيل: خص المؤمنين بذلك؛ لأن الكفار لا يخاطبون بالشرائع، وقيل: بل يخاطبون بها، ولكن ما لم يؤمنوا لم يصح ذلك منهم؛ فلذلك خص المؤمنين، والمراد بـ (آمنوا) صدقوا لإجماع - الأمة أن الفاسق مخاطب به تلزمه الصلاة «إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ» اختلفوا، فقيل: يجب الوضوء لكل صلاة، وهو قول داود، وقيل: لا يجب إلا أن يحدث، رواه ابن بريدة عن النبي ÷، وروي ذلك عن ابن عباس وابن عمر وسعد بن أبي وقاص، وعبيدة وأبي موسى، وأبي العالية، وسعيد بن المسيب وإبراهيم والحسن والضحاك والسدي، وجابر بن عبد اللَّه، وعليه الفقهاء، وما روي عن عمر وعلي: (الوضوء لكل صلاة) محمول على الاستحباب، وقد روي عن ابن عمر إنه لكل صلاة ندب واستحباب، وداود محجوج بإجماع التابعين والفقهاء، إلى يومنا هذا، واتفقوا أنه لا بد من محذوف، تقديره: إذا أردتم القيام، واختلف من قال: إن الوضوء لا يجب لكل صلاة في تقدير الآية، فقيل: إذا قمتم وأنتم على غير طهارة، عن ابن عباس، وهو قول أبي علي، وقيل: إذا قمتم من النوم، عن زيد بن أسلم والسدي، وقيل: هو لكل صلاة ندب واستحباب، عن ابن عمر، وقيل: كان الوضوء واجبًا لكل صلاة، ثم نسخ بالتخفيف، وذكر علي بن موسى القمي أن مذهب الخلفاء كان التطهر لكل صلاة، وأن رسول اللَّه يفعل ذلك، فلما كان يوم فتح مكة صلى كل الصلوات بوضوء واحد، وقال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالوضوء لكل صلاة»، قال القاضي: وهو محمول على الندب والاستحباب إلى الصلاة، قيل: هو إعلام بأن الوضوء لا يجب إلا للصلاة، فقد كانوا يمتنعون من الأعمال للحدث «فاغْسِطُوا» الغسل إمرار الماء على المحل حتى يسيل عنه، والمسح أن يبله بالماء ولا يسيل «وُجُوهَكُمْ» فأوجب غسل الوجه، وهو من قصاص الشعر إلى الذقن، ومن الأذن إلى الأذن، وقيل: هو ما واجهك، وقيل: ما