قوله تعالى: {واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور 7}
  مؤنثة، ولم يقل: ذوات، لينبئ عن التفصيل في كل ذات، وهو كقولك: عليم بذات الثمار من الأشجار، كذلك «عليم بذات الصدور».
  · المعنى: لما تقدم ذكر الدِّين، وبيان الشرائع عقَّبه بذكر تذكير النعم بذلك، وبالرسول الذي جاءهم به وبالرغبة والرهبة وبذلك أجرى اللَّه تعالى بأن يذكر الأوامر والنواهي، ثم يعقبه بالوعد والوعيد فقال تعالى: «وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّه عَلَيكُمْ» ولم يقل: «نعمه» للإشعار بعظمها، لا من جهة التضعيف؛ إذ كل نعمة من اللَّه يستحق عليها معظم الشكر؛ لأنها أصول النعم كالخلق والحياة والعقل والحواس والعلم والآلات، فيوجب ذلك أعظم الشكر، وأعظم الحق، وقيل: لأنه ذهب به مذهب الجنس؛ لأن جملة النعم نعمة عليكم أيها المؤمنون، وقيل: أيها الناس «وَمِيثَاقهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ» يعني عهده الذي عاهدكم عليه، وهي المبايعة للنبي ÷ على السمع والطاعة في كل ما يأمر وينهى، وفي العسر واليسر والرضا والكره، عن ابن عباس والسدي، وقيل: هو الأيمان التي أخذ عليهم عند بيعة العقبة، ويوم بيعة الرضوان، عن أبي علي، وقيل: هو الميثاق الذي أخذ عليهم في التوراة أن يؤمنوا بالنبي ÷، وقيل: العهود التي عاهدهم اللَّه تعالى عليمًا، وقيل: العهود التي عهد اللَّه إليكم، وهي الأدلة العقلية والشرعية التي نصبها فيما يلزمه، وأوامره، عن أبي مسلم والقاضي، وقيل: هو الميثاق الذي أخذه اللَّه عليهم في أصلاب آبائهم، عن الحسن، كأنه يذهب إلى أنه كالمثل لما فيه من الدلالة، وقيل: هو ما أخذ عليهم حين أخرجهم من صلب آدم، وهذا لا يصح، وقد بينا ذلك «إِذْ قُلْتُمْ سَمِعنا وَأَطَعْنَا» يعني سمعنا ما