التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون 11}

صفحة 1900 - الجزء 3

  مسلمين، ولم يعلم عمرو بذلك، فقتلهما عمرو، وجاء قومهما يطلبون الدية، فخرج النبي ÷ ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي إلى بني النضير، ودخلوا إلى كعب بن الأشرف بسبب الدية، فخلا بعضهم ببعض، وهموا بالفتك، وقالوا: من يقوم بهذا الأمر؟ فقال عمرو بن جحاش: أنا، فجاء برحى ليطرحها عليه، وجاءه جبريل، وأخبره بذلك، فخرج راجعًا إلى المدينة، فنزلت الآية، عن مجاهد وعبد اللَّه بن كثير، وعكرمة والكلبي ومحمد بن إسحاق عن رجاله.

  وقيل: نزلت في اليهود هموا أن يقتلوه بالسم فأضافوه، فأعلمه اللَّه تعالى، وامتنع من إجابتهم.

  وقيل: كان في بعض غزواته، فانفرد عن أصحابه ونام، فجاء أعرابي وابتدر لقتله، وقال: آخذ سيفك؟ قال: نعم، فأخذه فلما سله قال: منْ يمنعك مني؟ قال: «اللَّه»، فضرب جبريل صدره وسقط السيف منْ يده، فأخذه رسول اللَّه ÷، وقال: «ما يمنعك مني»، فأسلم الرجل.

  · المعنى: لما ذكرهم اللَّه تعالى بنعمه عليهم دينًا ودنيا اتصل بذكر نعمه بما دفع عنه من كيد الأعداء فقال سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّه عَلَيكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ» قصد قوم، قيل: هم اليهود عن قتادة ومجاهد وهو الأولى؛ لأنه يتصل به ذكر أفعال اليهود، وقيل: مشركو قريش، عن الحسن، وقيل: هم جملة الكفار مردود على قوله: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ} عن الأصم، وقيل: هم أهل الأحزاب، عن أبي مسلم «أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيكُمْ أَيْدِيَهُمْ» بالقتل «فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ» منعهم عن الفتك بكم «وَاتَّقُوا اللَّهَ» أي: اتقوا مخالفة أمره، وقيل: اتقوا عذابه