التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل 12}

صفحة 1901 - الجزء 3

  «وَعَلَى اللَّه فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» يعني لما توكلتم عليه كفاكم المهمات، كذلك كل مؤمن توكل عليه.

  · الأحكام: الآية تدل على أن دفع الضرر يعد من النعم، وأنه من نعمه على النبي ÷ والمسلمين أن كف عنهم الأعداء، وقد دل العقل على أن ذلك من أعظم النعم.

  وتدل على أن هذا المنع لم يُزِل التكليف، فلا بد من أن يحمل على إلقاء الرعب في قلوبهم، وتثبيت قلوب المؤمنين ونصرهم، وما يجري مجراه.

  وتدل على أن الواجب على المرء أن يتوكل على ربه في أموره ليكفيه ذلك.

  وتدل على أن أفعال العباد حادثة من جهتهم؛ إذ لو كان خلقًا له تعالى لكان المنع، والممنوع من جهته.

  وتدل على أن الاستطاعة قبل الفعل؛ لأنه إذا لم يوجد القدرة فلا يحتاج إلى المنع، وإن وُجِدَت فلا يصح المنع، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق والاستطاعة.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ١٢}

  · اللغة: النقيب: أصله من النقب الواسع، فقيل: نقبت القوم؛ لأنه ينقب عن أحوالهم