التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين 13}

صفحة 1907 - الجزء 3

  وكالقافية والطاغية والعافية، ورجل خائن وخائنة، كما يقال: علَّامة ونسَّابة، وأصل الباب النقصان، وخيانة العبد ربه ألا يؤدي الأمانات التي ائتمنه عليها.

  · الإعراب: (ما) في قوله: «فبما» صلة وتأكيد، كقول الشاعر:

  لِأمْرٍ مَا يُسَوَّدُ مَنْ يَسُودُ

  وفيه حذف، أي: نقضوا، فلعناهم بنقضهم؛ لأنه لما ذكر الميثاق اقتضى الوفاء أو النقض، فلما ذكر أن النقض علة اللعن دل أنه وقع منهم، وقيل: تقديره: فإن نقضوا لعناهم «إلا قليلا» نصب على الاستثناء.

  · النزول: الآية نزلت في اليهود.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى ما سبق من أسلاف اليهود من نقض العهد، واستحقاق اللعن تسلية للنبي # فيمن خالفه ممن جرى على طريقتهم، ووعيدا لهم، ونهيا لغيرهم أن يجري على طريقتهم، فقال سبحانه: «فَبِمَا نَقْضِهِمْ» يعني فبنقضهم ذلك الميثاق، والعهد المؤكد، وكان نقضهم من وجوه: كذبوا الرسل، وقتلوا الأنبياء، ونبذوا الكتاب، وضيعوا فرائضه، عن قتادة، وقيل: كتموا صفة النبي ÷ عن ابن عباس «لَعنَّاهُمْ» قيل: عذبناهم بالجزية، عن ابن عباس، وقيل: بالمسخ حتى صاروا قردة وخنازير، عن الحسن ومقاتل، وقيل: أبعدناهم من رحمتنا عن عطاء