قوله تعالى: {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون 32}
  · الإعراب: (أنَّه) بالفتح، والعامل في ذلك الكتابة، يعني: كتب أنه.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى ما كلف في باب القتل، فقال سبحانه: «مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ» قيل: مِنْ جَرِّ ذلك وجريرته، وقيل: من جناية ذلك عن الزجاج، «ذَلِكَ» يعني القتل الواقع من ابن آدم «كتَبْنَا» فرضنا «عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ».
  ومتى قيل: لم كتب على بني إسرائيل ذلك بقتل ابن آدم؟
  قلنا: فيه قولان:
  الأول - قاله الحسن - أن هذا القتل كان في بني إسرائيل؛ لأن القربان كان من تعبدهم، والظاهر أنه بسبب ما وقع كتب عليهم.
  والثاني - قاله المفسرون - أن القتل كان زمن آدم، وهو الصحيح؛ لذلك لم يعلم الدفن حتى يعلم من الغراب، وإنما قال: «مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ» لأن من المعلوم في مثل قتل قابيل أخاه أنه يقع عليه الاقتداء، فلما علم تعالى ذلك من الحال كتب على بني إسرائيل ذلك ليردع به عن القتل، وهذا مثل ما روي عن النبي ÷: «من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من وزرهم شيء» وقيل: كان الصلاح لهم في ذلك، وكانوا أول من تعبدوا به فخصوا بالذكر، وإلا فحكم الجميع واحد في عظم القتل، وقد روي أنه قيل للحسن: يا أبا سعيد، هي لنا أيضًا؟ فقال: إي واللَّه، ما كان دماء بني إسرائيل أكرم على اللَّه من دمائنا.
  «أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأنَمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا» فيه