قوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم 38 فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم 39}
  من العصاة «حَكِيمٌ» في حكمه فيهم بالقطع صيانة لأموال الناس، وزجزًا عن المعاصي، ومصلحة لهم «فَمَنْ تابَ» رجع، قيل: تاب بإقامة الحد عليه عن مجاهد، وقيل: برد السرقة قبل القدرة عليه لم يقطع، عن الشعبي وعطاء، وقيل: بالتوبة، وهو الندم على ما فعل، والعزم على ألا يعود وهو الوجه، وما قاله مجاهد غير صحيح؛ لأن الحد فعل الغير، وهو المأمور بالتوبة، ولأن رد المسروق لا يسمى توبة على ما قال الشعبي، إلا أن يقول: يتوب ويرد فيصح حينئذ، واختلفوا، فقيل: هو عام في جميع العصاة، وقيل: المراد به السارق إذا تاب من سرقته «مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ» أي عصيانه بالسرقة «وَأَصْلَحَ» يعني أصلح نفسه بالطاعات «فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيهِ» يعني يقبل توبته «إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ» لذنب من تاب «رَحِيمٌ» يقبل توبته ويدخله الجنة.
  · الأحكام: الآية تتضمن أحكامًا: أولها: هل الآية مجملة أم لا؟ وثانيها: صفة السارق.
  وثالثها: صفة المسروق منه. ورابعها: موضع السرقة. وخامسها: المال المسروق.
  وسادسها: قدر ما يقطع فيه. وسابعها: ما تثبت به السرقة. وثامنها: من يقطع السارق.
  وتاسعها: كيفية القطع، وكم يقطع. وعاشرها: ضمان المسروق ورده. والحادي عشر: إذا تاب السارق وما الذي يسقط؟ وما الذي لا يسقط؟ والثاني عشر: أحكام عقلية تتعلق بها.
  أمَّا الأول: الكلام في أن الآية مجملة أم لا؟، فقيل: إنه مجمل لدخول التخصيص فيه، عن عيسى بن أبان، وقيل: إن الحكم المذكور فيه يتعلق بشروط لا تبنى على الظاهر، فهو كقوله: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ}، عن أبي عبد اللَّه البصري، وقيل: بل هو مما يصح التعلق بظاهرها، وليست مجملة، وهو مذهب