التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم 38 فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم 39}

صفحة 1956 - الجزء 3

  جماعة من الشافعية والحنفية، وهو قول أبي علي، وأبي هاشم واختيار القاضي، قال القاضي: كل موضع يحتاج إلى البيان لامتثال حكمها فهو مجمل، كقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}، وكل موضع يمكن امتثال الأمر بظاهره إلا أنه يحتاج إلى الييان لمن يخرج عليه، فيصح التعلق به كقوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} و {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}.

  فأمَّا الثاني: فلا خلاف أن الغاصب والخائن لا يقطع، وكذلك من ينهب جهرًا لا يحكم فيه، بحكم السرقة، والسارق من يأخذ مال الغير على وجه الخفية من حرز مثله، واختلفوا: هل فعلهم كبير كالسرقة قياسًا عليه؟، فالذي عليه مشايخنا أن السرقة عظمت للضرر، لا لوجوب الحد، ومنهم من قال: لا تثبت، ولا شبهة أنه ينبغي أن يكون عاقلاً بالغًا، وأن يدخل الحرز، وألَّا يكون مأذونا في دخوله، ويأخذ ما قيمته حين أخرجه عشرة دراهم فضة بالقطع أو القدر الذي يقول به كل أحد.

  فأمَّا الفصل الثالث: المسروق منه: إذا سرق من أبيه أو أمه أو ابنه أو عبده أو مكاتبه، أو مولاه لا يقطع، وإذا سرق من بيت المال لا يقطع. وإذا سرق عن شريكه لا يقطع. وأحد الزوجين إذا سرق من الآخر لا يقطع، وقال الشافعي: يقطع، وإن سرق من ذي رحم محرم لا يقطع، وقال الشافعي: يقطع إلا من ولادة بينهما، وقال الهادي: يقطع في جميع ذلك إلا الأب فإنه لا يقطع، ولا يقطع الضيف إذا سرق ممن أضافه.

  وأمَّا الرابع: فلا خلاف أن الحرز شرط، وعن داود فيه خلاف؛ لأن السارق هو المسيس بالأخذ، واختلفوا فقيل: يعرف ذلك بظاهر الآية، وقيل: بل بدليل آخر، والأول أقرب؛ لأن الأخذ من الصحراء لا يؤخذ سرقة، وإنما يؤخذ غصبًا ونهبًا،