قوله تعالى: {ياأيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم 41}
  جبريل بالرجم، فأخبرهم به فأبوا، فسألهم عن أعلمهم، فقالوا: ابن صوريا أعلم اليهود بالتوراة، واتفقوا عليه، فدعا بابن صوريا، وناشده اللَّه أن يبين حكم اللَّه في الزاني المحصن، فذكر أنه الرجم، ولكن كثر الزنا فينا، فكنا إذا زنى الشريف تركناه، وإذا زنى الوضيع رجمناه، فكثر الزنا في أشرافنا، فرجعنا إلى أمر يستوي فيه الشريف والوضيع، والغني والفقير، وهو التحميم وجلد أربعين، ويطاف بهما، فكذبه اليهود، فأمر النبي ÷ برجم الزانيين، وقال: «أنا أول من أحيا سنة أماتوها»، عن ابن عباس وجماعة من المفسرين ذكره الأصم، وسأل ابن صوريا رسول اللَّه عن أشياء فأخبره بها، فآمن وشهد بالحق.
  · المعنى: لما تقدم ذكر اليهود والنصارى وعدوانهم للمسلمين عقبه بما يَؤَمِّنْهُ من كيدهم تسلية له وأمنًا، فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ» خطاب للنبي ÷ «لاَ يَحْزُنْكَ» مسارعة الكفار «فِي الْكُفْرِ» أي في اعتقاد الكفر، وأفعال الكفر «مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ» يعني المنافقين «وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا» أي من اليهود فإنهم المأخوذون بجنايتهم، وما عليك إلا البلاغ، وقيل: يسارعون في موالاة الكفار ومظاهرتهم فلن يضروك بمظاهرتهم فاللَّه وليك «سَمَّاعُونَ لِلْكَذِب سَمَّاعُونَ لِقَوْم آخَرِينَ لَمْ يَأتُوكَ» فلهذا جالسوك، عن الحسن والزجاج، وقيل: سماعون كلامك ليكذبوا عليك، وهم سماعون لقوم آخرين لم يأتوك لينقلوا إليهم أخبارك، ويكذبوا عليك، عن أبي علي، وقيل: قوالون للكذب «سماعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ» أي أعين وجواسيس لقوم آخرين أرسلوا بهم إليك في الرجم، وقالوا: إن أفتاكم بالجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فلا تقبلوا، لأنهم حرفوا حكم التوراة في الزاني، وأسقطوا الرجم، وجعلوا الحد أربعين جلدة، عن ابن عباس وجابر وسعيد بن المسيب وابن زيد، وقيل: سماعون بمعنى