قوله تعالى: {سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين 42}
  الحسن ومقاتل، وروي ذلك مرفوعًا عن النبي ÷، وقيل: الربا والرشا في الحكم، عن الأصم، وقيل: السحت: الرشوة في الحكم، ومهر البغي، وعسيب الفحل، وكسب الحجام، وثمن الكلب، وثمن الخمر، وثمن الميتة، وحُلْوان الكاهن، [والاستعجال] في المعصية. وروي نحوه عن عمر وعلي وابن عباس وأبي هريرة ومجاهد، زاد بعضهم ونقص البعض، وأصله يرجع إلى أنه حرام فدكروا وجوه التحريم، فمنهم من زاد، ومنهم من نقص، وقيل: ما كان يأخذه فقراء اليهود من أغنيائهم ليقيموا على الكفر نحو قوله: {وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} ويحتمل المهدى لقوله: {وَأَخذِهِمُ الرِّبَا} عن أبي مسلم، وقيل: الحرام الذي لا بركة فيه، عن أبي علي والأخفش وهو الصحيح؛ لأن جميع ما قيل يدخل فيه، وسئل ابن مسعود عن السحت، فقال: الرشوة، فقيل: في الحكم؟ فقال: ذلك كفر، وتلا: «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّه فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ». ثم خاطب النبي ÷ فقال تعالى: «فَإِنْ جَاءُوكَ» يا محمد هَؤُلَاءِ اليهود «فَاحْكُمْ بَينَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ» خيَّره بين الحكم فيهم، وبين الإعراض عنهم، واختلفوا فيه على قولين:
  الأول: أنه في أمر خاص، ثم اختلف هَؤُلَاءِ، فقيل: هو في زنا المحصن وحده، والحكم بالرجم، عن ابن عباس والحسن ومجاهد والزهري، وقيل: هو في قتيل قتل من اليهود، وذلك في بني قريظة ونضير، وكان في نضير شرف فكان ديتهم دية كاملة، وفي قريظة نصف دية، فتحاكموا إلى النبي ÷ فجعل الدية سواء، قال القاضي: وأظن أن في الناس من يزعم أنه ورد فيمن ليس له عهد ولا ذمة.
  الثاني: أنه عام في كل عن جاءه من الكفار، ثم اختلفوا، فمنهم من قال: إنه ثابت في سائر الحكام غير منسوخ، عن إبراهيم والشعبي وقتادة، وعطاء والأصم، وأبي مسلم، ومنهم من قال: إنه منسوخ بقوله: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} عن ابن عباس والحسن ومجاهد والسدي وعكرمة وأبي علي، «وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ