التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين 43}

صفحة 1970 - الجزء 3

قوله تعالى: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ٤٣}

  · اللغة: التولي عن النبي ÷: الانصراف عنه، فالتولي عن الحق: تَرْكُهُ، وهو خلاف التولي إليه، وهو الإقبال عليه، وأما التولي له، فهو صرف النصرة والمعونة إليه، ومنه قوله: (تولى اللَّه المؤمنين).

  · الإعراب: «كيف» استفهام والمراد التعجب من فعلهم أنهم لا يحكمون بما يقرون به، وقيل: تعجب منهم وتسفيه لأحلامهم، حيث يتحاكمون إلى من يكذبون ذلك.

  «ذلك»: إشارة إلى الحكم، وقيل: إلى التحكيم.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى قلة مبالاتهم بالدين حيث تركوا حكم اللَّه للرشا، فقال سبحانه: «وَكيفَ يحَكِّمُونَكَ» تعجب منه تعالى لنبيه يعني كيف يجعلونك يا محمد هَؤُلَاءِ اليهود حاكمًا فيرضوا بحكمك «وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ» قيل: الأحكام التي لم تنسخ، وقيل: الحكم بالرجم، عن الحسن، وقيل: بالقود، عن قتادة، و «ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ» أي يعرضون جرأة واستخفافًا وهربًا من حكم اللَّه «مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ» أي من بعد