قوله تعالى: {وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين 43}
  حكم اللَّه في التوراة، عن عبد اللَّه بن كثير، قيل: يتولون من بعد تحكيمك أو حكمك بالرجم؛ لأنهم ليسوا على ثقة، ولا يؤمنون بك، وإنما طلبوا به الرخصة «وَمَا أُوْلَئِكَ بِالمؤْمِنِينَ» يعني: اليهود لا يصدقون بحكمك، وأنه من عند اللَّه؛ بجحدهم نبوتك، وقيل: من طلب غير حكم اللَّه من حيث لم يرض به، فهو كافر بِاللَّهِ، وهذا حال هَؤُلَاءِ اليهود عن أبي علي، وقيل: معناه «وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ» أي كما لم يؤمنوا في الحال لا يؤمنون في المستقبل، عن أبي مسلم.
  · الأحكام: تدل الآية على أن في التوراة حكم اللَّه، واختلفوا فقيل: أراد ما لم ينسخ لصحة إضافته أنه حكم اللَّه، عن أبي علي، وقيل: هو الرجم لموافقته لحكم القرآن، عن الحسن، وقد استدل جماعة من الحنفية بالآية على أن حكم التوراة وشرائع مَنْ قبلنا لازمة لنا ما لم يثبت نسخه، قال القاضي: ولو كان كذلك لكان حكم التوراة كحكم القرآن في وجوب طلب الحكم منه، وقد ورد الشرع بخلافه، والنهي عن النظر في الكتب المتقدمة، فالمراد لابد أن يكون أمرًا خاصًّا وهو الرجم؛ لأنهم طلبوا الرخصة بالتحكيم.
  وتدل على أن التولي عن حكم اللَّه يخرجه عن الإيمان.
  وتدل على ذم اليهود حيث تركوا حكم اللَّه طلبًا للرخصة، وتمسكوا بما لا يقرون بصحته.
  وتدل على أن طلب الرخص بالتلبيس، وترك ما يعتقده حقًّا لا يجوز.
  وتدل على أن التولي فعلهم، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.