قوله تعالى: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون 45}
  ومنها: تدل على أن الحكم بغير ما أنزل اللَّه ظلم وفسق.
  ومتى قيل: فمن حكم بالقياس والاجتهاد فقد حكم بغير ما أنزل اللَّه تعالى.
  قلنا: غلط ليس المراد ما أنزله بعينه، ولهذا الحكمُ بقول الرسول حُكم بما أنزل اللَّه؛ لأن اللَّه تعالى أمر باتباع أمره، والأخذ بقوله، وكذلك الإجماع؛ لذلك قلنا: دل الكتاب والسنة على صحة القياس والاجتهاد، فالحكم به حكم بما أنزل اللَّه، ولما دلت الآية على القصاص في النفس والأطراف والجراح لا بد من إشارة إلى كيفية ذلك؛ ليصح معنى الآية، أما النفس فلا خلاف أن الرجل يقتل بالرجل، والمرأة بالمرأة.
  وهل يعتبر الدِّين؟ قال أبو حنيفة وأصحابه: يقتل المسلم بالذمي، ولا يقتل بالمستأمن، وقال الشافعي: لا يقتل به، ويقتل العبد بالعبد، ويقتل الحر بالعبد عند أبي حنيفة، وقال الشافعي: لا يقتل.
  واختلفوا في رجل قتل امرأة، فالذي عليه الفقهاء أنه يقتل الرجل ولا شيء لأوليائه، وعند القاسم ويحيى يجب عليه القصاص بشرط أن يلزم أولياء المرأة نصف دية الرجل لأولياء القاتل، ويُروَى ذلك عن أمير المؤمنين، ولا خلاف أن المرأة تقتل بالرجل، ولا يلتزم أولياؤها بشيء آخر، ويقتل الجماعة بالواحد عند الفقهاء، وعن داود أنه لا يقتل أحد منهم، وتجب الدية، وإذا قتل الواحدُ جماعة قتل ولا شيء، وقال الشافعي: يقتل بواحد، وللباقي الدية، وإن قتل جماعة واحدًا، واختار ولي الدم الدية فعليهم دية واحدة عند الفقهاء، وقال يحيى والقاسم: على كل واحد دية كاملة.
  والقتل ثلاثة: عمد، وشبه عمد، وخطأ، وتغلظ الدية في شبه العمد، قال القاسم ويحيى: خطأ وعمد فقط.