قوله تعالى: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون 48 وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون 49 أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون 50}
  «لِكُلّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ» قيل: من جميع أمم الأنبياء، فغلب المخاطب على الغائب عند الاجتماع، فلأهل التوراة شريعة، ولأهل الإنجيل شريعة، ولأهل القرآن شريعة، عن قتادة وأبي علي وجماعة، وقيل: هم أمة نبينا محمد ÷ جعل لهم شريعة وهو الإسلام شريعة القرآن، عن مجاهد، وقيل: لكل نبي شريعة وطريقة، «شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا» قيل: سنة [وسبيلاً]، عن ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة والضحاك، وقيل: جعلنا لكل واحد طريقًا يؤمه إلى الحق وسبيلا واضحًا يعمل به «وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً» على طريقة واحدة، قيل: يجمعكم على الحق وهي مشيئة القدرة والإكراه عن الحسن، وقيل: يجعلكم على ملة واحدة بأن جعل شرائع الخلق ودعوة الأنبياء واحدة «وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ» أي يمتحنكم ويختبركم، ومعناه: يعاملكم معاملة المختبر، فيعتد في كل أمة بشريعة فيها صلاح تلك الأمة «فِيمَا آتَاكُمْ» من الأمر والنهي والشرائع «فَاسْتَبِقُوا الْخَيرَاتِ» قيل: بادروا؛ أي ساوعوا فوت الحظ بالتقدم في الخير، وقيل: بادروا بالطاعة قبل الفوت بالموت، وبادروا إلى ما أمرتكم به فإني لا آمر إلا بالصلاح، عن أبي علي، وقيل: بادروا بالطاعات لرضا ربكم الذي إليه مرجعكم «إِلَى اللَّه مَرجِعُكُم» إلى حكمه مصيركم «فَيُنَبِّئُكُمْ» يخبركم يعني مجازيكم «بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ» من أمر دينكم «وَأَنِ احْكُمْ» يا محمد «بَينَهُمْ» قيل: بين أهل الكتاب، وقيل: هم أهل الكتاب والمجوس وغيرهم عن الشعبي «بِمَا أَنزَلَ اللَّه» من القرآن والشرائع «وَلاَ تَتَّبعْ أَهْوَاءَهُمْ» قيل كرر ذلك تأكيدًا، وقيل: لأنهما حكمان أمره فيهما بذلك، الأول احتكموا في زنا المحصن، ثم احتكموا في قتيل، عن أبي علي «وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ» أي احذر هَؤُلَاءِ اليهود الَّذِينَ جاؤوا يحكمونك «أَنْ يَفْتِنُوكَ» أي حتى لا يفتنوك، قيل: يضلونك، وقيل: يصدونك، عن الأصم، وقيل: يصرفونك عن أبي مسلم، واختلفوا، فقيل: كي لا يصدوك [«عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ»] عن