قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين 51 فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين 52 ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين 53}
  وذلك لأن أكثر ما يكون هيجان الأعلال بالليل، فيرجى حسن حاله عند الصباح، فإذا كان بالضد حصل على الهلاك.
  والحَبَط: أصله الهلاك، وقيل: هو داء يأخذ في البطن فيهلك، فشبه به كل شيء يهلك.
  · الإعراب: تم. الكلام عند قوله: «أَوْلِيَاءَ» ثم ابتدأ فقال: «بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ» «فيصبحوا» نصب على العطف تقديره: أن يصبحوا، و «جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ» تقديره: أقسموا جهدًا.
  · النزول: يقال: نزلت الآية في عبادة بن الصامت وعبد - اللَّه بن أُبي لما تبرأ عبادة بن الصامت عن موالاة اليهود، وتمسك بها عبد اللَّه، وقال: أخاف الدوائر عن عطية بن سعد العوفي - الزهري - وذلك أنه لما انهزم أهل بدر قال المسلمون لأوليائهم من اليهود: آمنوا قبل أن يصيبكم اللَّه بيوم مثل يوم بدر، فقالوا: أنتم أصبتم رهطًا لا علم لهم بالحرب، فأما نحن فلا يدان لكم بقتالنا، فجاء عبادة إلى النبي ÷ وقال: يا رسول اللَّه، إن لي أولياء من اليهود كثيرا عددهم، قوية أنفسهم، شديدة شوكتهم، وأنا أبرأ إلى اللَّه من ولايتهم، ولا مولى لي إلا اللَّه ورسوله، فقال عبد اللَّه بن أبي: لكني لا أبرأ؛ لأني أخاف الدوائر، ولا بد لي منهم، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.
  وقيل: لما كانت وقعة أُحُدٌ خاف قوم من المشركين، فقال بعضهم: آووا إلى اليهود، وقال بعضهم: آووا إلى النصارى، فنزلت الآية فيهم، عن السدي.