التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون 58}

صفحة 2008 - الجزء 3

  ناديتم، عن أبي مسلم، و (هم) في «بأنهم» اسم (إن) وخبره «قَوْمٌ لاَ يَعْقِلُونَ» تقديره: ذلك بأن هَؤُلَاءِ قوم لا يعقلون.

  · النزول: قيل: كان منادي رسول اللَّه ÷ ينادي للصلاة، فإذا قام المسلمون إليها، قالت اليهود: قاموا لا قاموا، صلوا لا صلوا، على طريق الاستهزاء، فنزلت الآية، عن الكلبي.

  وقيل: نزلت في رجل من النصارى كان بالمدينة، فإذا سمع المؤذن يقول: أشهد أن محمدًا رسول اللَّه قال: حرق الكاذب، فأدخل عليه نار وهو وأهله نائم، فتطايرت منها شرارة في البيت فأحرقت البيت وهو وأهله، عن السدي.

  وقيل: إن الكفار لما سمعوا الأذان حسدوا رسول اللَّه ÷ والمسلمين على ذلك، فدخلوا عليه، وقالوا: يا محمد، لقد أبدعت شيئًا لم نسمع به فيما مضى، فإن كنت نبيًّا، فقد خالفت ما أحدث الأنبياء قبلك، فمن أين لك صياح كصياح العير؟! فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية فيهم.

  وقيل: كانوا يضحكون عند اجتماع الناس للجماعة، يريدون تنفيرهم عن الدين.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى من ذميم أفعالهم حثًّا على ما تقدم من النهي عن موالاتهم، فقال سبحانه: «وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ» يعني أذن مؤذنكم للدعاء إلى الصلاة «اتخذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا» يعني سخر به اليهود والنصارى، ولعبوا به، قيل: كانوا يتضاحكون بينهم تنفيرًا عنه، وقيل: كانوا يرون الداعي إليها بمنزلة اللاعب الهازئ، جهلا منهم «ذَلِكَ