التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون 58}

صفحة 2009 - الجزء 3

  بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ» يعني هَؤُلَاءِ الكفار «لاَ يَعْقِلُونَ» أي لا يعلمون ما لهم لو أجابوا، وما عليهم في استهزائهم، وقيل: هم بمنزلة من لا عقل له يمنعه من الفواحش، وقيل: لا يعلمون فضل الصلاة وما على تاركها من العقاب، وقيل: كانوا لا يعلمون اللَّه، فلجهلهم بربهم فعلوا ذلك.

  · الأحكام: تدل الآية على أن في الصلاة أذانًا، وقد علم من دين الرسول ضرورة، وأن الأذان مشروع.

  وتدل على أنه يدخل في المكتوبات.

  وتدل على أن إطلاق الصلاة يتناول ما يختص بالنداء.

  وتدل على أن ارتكابهم للقبائح يصيرهم بمنزلة من لا عقل له.

  وتدل على أن ذلك فعلهم ليس بخلق اللَّه لاستحالة أن يخلق الهزء بدينه وشريعته.

  ثم الكلام في الأذان يشتمل على فصول خمسة:

  أولها: مبتدؤه.

  وثانيها: فضله.

  وثالثها: فعله وصفة الإقامة.

  ورابعها: في أي صلاة يؤذن.

  وخامسها: من يجوز له أن يؤذن.

  فأما الأول: فقيل: مبدؤه حديث عبد اللَّه بن زيد بن عبد ربه، وذلك أن النبي ÷ استشار المسلمين فيما يجمعهم على الصلاة، وذكروا قرنًا كقرن اليهود، فكرهه لمكان اليهود، فذكروا الناقوس، فكرهه لمكان النصارى، قال عبد اللَّه: فرأيت