قوله تعالى: {وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون 58}
  في تلك الليلة رجلًا يحمل ناقوسًا فقلت له: أتبيعه؟ فقال: وما تصنع به؟ قلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على ما هو خير منه؟ قلت: بلى، قال: قل: اللَّه أكبر ... إلى آخره، ثم قعد هنيهة، ثُمَّ قام، وقال: اللَّه أكبر مثله، إلا أنه زاد فيه قد قامت الصلاة، فأتيت النبي ÷ فأخبرته، فقال: «علمه بلالاً فإنه أندى منك صوتًا»، فلما أذن بلال جاء عمر يجر رداءه، فقال: رأيت مثل الذي رأى، فقال، ÷: «ذاك أثبت». وروي أنه قال: فرأيت، وأنا بين النائم واليقظان كأن رجلاً نزل من السماء فوقف على جنب حائط، وقال: اللَّه أكبر ... إلى آخره ثم قعد هنيهة، ثم قام، وقال:
  اللَّه أكبر، إلا أنه زاد فيه قد قامت الصلاة. وقيل: أول من أذن في السماء جبريل، فسمعه عمر، وقيل: علم النبي ÷ الأذان ليلة المعراج، وقيل: نزل به جبريل، ولا شبهة أنه جعل شرعًا بالوحي، يجوز أن يوافق الرؤيا ما ورد الشرع به، فأما إثبات شرع بالرؤيا فلا يصح، ويحتمل أنه رئي، ونزل الوحي معه.
  فأما فضيلة الأذان فقيل: إن قوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ} نزل فيه، وقد اختص هذه الأمة بذلك دون سائر الأمم، ووردت فيه آثار كثيرة. ومنها حديث ابن عباس عن النبي، ÷ «من أذن سبع سنين محتسبًا كتب له براءة من النار» وحديث أبي هريرة عن النبي ÷: «من أذن خمسين صلاة إيمانا واحتسابًا غفر اللَّه له ما تقدم من ذنبه»، وحديث ابن مسعود: «لو كنت مؤذنًا لما باليت ألا أحج ولا أعتمر ولا أجاهد» وأمثال ذلك مما يكثر من الآثار.
  فأما صفته: فهو سنة مؤكدة عند أكثر الفقهاء، وهو فرض على الكفاية عند الهادي، وواجب عند داود، ويكره الأذان راكبًا، والسنة أن يؤذن واقفًا، ويجعل أصبعيه في أذنيه، وقال الشافعي: لا يكره. وفي التكبير في أول الأذان أربع موات، وهو قول أبي حنيفة والشافعي، وقال مالك: مرتين، وبه قال الهادي، والترجيع ليس