التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل ياأهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون 59}

صفحة 2012 - الجزء 3

  مَا نَقَمُوا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ إِلَّا ... أَنَّهُمْ يَحْلُمُونَ إِنْ غضبوا

  ويُروَى: يجهلون.

  · الإعراب: فتحت (أنْ) عن قوله: «وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ» عطفًا على قوله: «إِلَّا أَنْ آمَنَّا» تقديره: إلا أن آمنا وإلا أنكم فاسقون، ويجوز بالكسر على الابتداء.

  · النزول: عن ابن عباس أن نفرًا من اليهود فيهم أبو ياسر بن أخطب، ورافع بن أبي رافع أتوا رسول اللَّه ÷، وقالوا: من تؤمن به من الرسل؟ فقال: «أؤمن بِاللَّهِ، وبما أنزل إلينا، وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل»، إلى قوله: «وما أوتي موسى وعيسى»، فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته، وقالوا: لا نؤمن بما آمن به، وقالوا: ما نعلم أهل دين أقل حظًّا في الدنيا والآخرة منكم، ولا دينًا شرًا من دينكم، فنزلت الآية.

  · المعنى: لما تقدم ذكر اليهود والنصارى في عداوتهم للمسلمين أمر رسوله بمجاجتهم، وبيان ما لأجله نقموا منهم، فقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد «يَا أَهْلَ الْكتَاب» هم اليهود والنصارى «هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا» قيل: تنكرون منا، وقيل: تكرهون منا، وقيل: هل تعيبوننا، وتهزؤون بنا، عن الأصم «إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ» ووحدناه ووصفناه بما يليق به من الصفات العُلا، والأسماء الحسنى، ونزهناه عما لا يجوز عليه في ذاته وأفعاله «وَمَا أُنزِلَ إِلَينَا» القرآن «وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ» على الأنبياء «وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ» خارجون عن الدين، وتقديره: ما تنقمون إلا أن أكثركم فاسقون.