قوله تعالى: {قل ياأهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون 59}
  ومتى قيل: كيف ينقم اليهود من المسلمين بفسق أكثرهم؟
  فجوابنا أن فيه ثلاثة أقوال:
  الأول: تقديره: ما نقمتم إلا أنا لم نتابعكم على فسقكم الذي عليه أكثركم، عن أبي علي.
  الثاني: هل تنقمون منا إلا إيماننا وفسقكم، أي ليس هذا مما ينقم.
  الثالث: لفسقكم نقمتم علينا، عن الحسن.
  ومتى قيل: أليس كلهم فساقا، فلم خص أكثرهم؟
  فجوابنا: فيه أربعة أقوال: قيل: خارجون عن أمر اللَّه لطلب الرياسة حسدًا منهم له، وقيل: فاسقون بركوب الأهواء، وقيل: هو للتلطف في الاستدعاء، وقيل: ذكر أكثرهم لكيلا يظن أن من آمن يدخل في ذلك، أو من تقدم منهم كانوا مؤمنين.
  · الأحكام: تدل الآية أنهم نقموا من جميع ما ذكر في الآية، فتدل أن فيهم من لا يؤمن بِاللَّهِ، وذلك ظاهر في النصارى لقولهم بالتثليث، وكثير من مشبهة اليهود.
  وتدل على أنهم لا يؤمنون بجميع ما أنزل من قبل، وذلك ظاهر في اليهود لا يؤمنون بالإنجيل والقرآن، وكذلك النصارى لا تؤمن بالقرآن.
  وتدل أن أكثرهم فساق، وفيهم مؤمنون؛ لذلك قال: «أكثرهم» فيحتمل أنه أراد من أسلم أو من تقدم على ما قررنا، قال الأصم: وتدل على نبوته # حيث أخبر بفسقهم، وعن عَنَتِهِم.