قوله تعالى: {ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون 75 قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم 76 قل ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل 77}
  · اللغة: الخلاء: الخالي، وخَلَتْ: مضت لخلو الزمان منه.
  والصِّدِّيقة: فِعِّيَلَة من الصدق، وسميت بذلك لكثرة الصدق منها أو لكثرة التصديق، والصدق خبر مخبره على ما هو به.
  الإفك: الكذب، أفك الرجل: إذا كذب إفكًا، وأصله الصرف، وكل أمر صرف عن وجهه فقد أُفِك، ويقال: أفكته عن الشيء: إذا صرفته عنه إفكًا، وهو مأفوك عنه مصروف، وقد أُفِكَتْ الأرض: إذا صُرِفَ عنها المطر، والإفك: الكذب؛ لأنه صرف الخبر عن وجهه، والمؤتفكات: المتقلبات من الرياح، وقوله: {أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا} أي: لتصرفنا، وائتفكت البلدة بأهلها: انقلبت.
  والغُلُوُّ: تجاوز الحد إلى الازدياد، ونقيضه التقصير، وهو الخروج عن الحد إلى النقصان، وكلاهما فاسدان، ودين اللَّه بين الغلو والتقصير.
  والاتباع: طلب الثاني سلوك طريقة الأول.
  والأهواء: جمع هوى، وهو الذي تدعو إليه الشهوة دون الحُجَّةِ.
  · المعنى: لما تقدم ذكر مقالات النصارى عقبه بالرد عليهم والاحتجاج على جميعهم، فقال سبحانه: «مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ» قد مضت «مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ» يعني لم يكن المسيح - وإن أتاكم بالأعاجيب من الآيات والمعجزات - إلا كسائر الأنبياء قبله، وكما أنهم لم يكونوا آلهة كذلك عيسى؛ لأن عيسى أحيا الميت؛ وموسى ألقى العصا فصارت حية، وإبراهيم ألقي في النار فلم يحترق، والجميع سواء في الإعجاز «وَأُمُّهُ» يعني مريم «صِدِّيقَةٌ» قيل: تصدق برسل اللَّه، عن أبي علي، وقيل: بآيات ربها ومَنْزِلَةِ ولدها وما أخبرها به، عن الحسن، وقيل: كثيرة الصدق، وقيل: صدقت