قوله تعالى: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون 78 كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون 79 ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون 80 ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون 81}
  لسانهما: إياسهما من المغفرة للإقامة على الكفر ودعاء الأنبياء $ عليهم، وقيل: إنما ذكر اللعن على لسانهما إزالة للاتهام بأن لهم منزلة بولادة الأنبياء، عن أبي علي، وقيل: لعنوا على عهد موسى في التوراة، وعلى عهد عيسى في الإنجيل، وعلى عهد داود في الزبور، وعلى عهد محمد في القرآن «ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا» أي خالفوا اللَّه في أوامره ونواهيه، وقيل: باعتدائهم في السبت، وقيل: تركهم الأمر بالمعروف «وَكَانُوا يَعْتَدُونَ» يجاوزون الحد في العصيان، ثم بين عصيانهم، فقال سبحانه: «كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ» لا ينهى بعضهم بعضًا «عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ» عن فعل قبيح حتى شاع فيهم المناكير، وقيل: كان لا يتناهى إذا نهاه غيره، وقيل: علماؤهم لدينهم جهالهم، عن الأصم «لَبِئْسَ مَا كَانوا يَفْعَلُونَ» أي بئس الفعل فعلهم، تعجيب من اللَّه لنبيه من سوء أفعالهم في ترك النهي عن المنكر، وقسم منه على ذلك، «تَرَى» يا محمد «كَثِيرًا منهم يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كفَرُوا» اختلفوا في مَنْ الكثير، ومَنْ الَّذِينَ كفروا؟ قيل: هم اليهود نحو كعب بن الأشرف وأمثاله تولوا عبدة الأوثان ومشركي قريش، عن الحسن وأبي علي، وقيل: هم أهل خيبر حالفوا قريشًا، عن أبي مسلم، وقيل: هم أهل الكتاب يتولون الكفار، وقيل: هم المنافقون يتولون اليهود، وقيل: يتولونهم في الحث على حرب رسول اللَّه ÷ حين خرجوا إلى قريش بالاستنفار، وقيل: يتناصرون بينهم ويتوالون «لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ» يعني بئس ما قدموا من العمل لمعادهم، عن أبي علي، وقيل: هو كقولك: سولت لهم أنفسهم؛ أي بئس ما قدمت أنفسهم بالاعتماد على تولي الكفار.
  ومتى قيل: فأي فائدة في الإخبار عما يراه هو؟
  فجوابنا: فيه قولان: أحدهما: التوبيخ لهم، والثاني التنبيه على باطن أمرهم.
  «أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيهِمْ» أي: لسوء فعلهم غضب اللَّه عليهم، وقيل: بئس ما