قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين 87 وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون 88}
  · الأحكام: تدل الآية على النهي عن تحريم ما أحل اللَّه، وجميع ما ذكرنا من الوجوه يدخل فيه، وما ذكره القاضي أيضًا يدخل فيه.
  وتدل على النهي عن العدوان.
  وتدل على أن الكف عن الطيبات مما يحظره الشرع على ما يفعله الرَّهَابِين، خلاف ما يتعاطاه كثير ممن يظن أنه تورع، فأما التمتع بنعم اللَّه المؤدي إلى شكره وعبادته، فذلك حسن، وذكر علي بن موسى القمي أنه تعالى أوجب في الكفارات أن يطعم من أوسط ما نطعم أهلنا، فما جاز أن يطعم غيرنا حل لنا أن نطعم، وهذه طريقة الأنبياء، فقد كانوا يسعون في الحلال، وهذه طريقة الصحابة، وقد روي أن النبي، ÷ أكل اللحم والطيبات، ولبس الرفيع من الثياب، وقال: ورأيناهم لا يعدلون في التزوج من الشابة الجميلة إلى العجوز القبيحة، فما بالهم يعدلون عن خبز البر إلى خبز الشعير، وقد كان ÷ يستكثر من الطيب والتزوج وهذا من أرفع ما يشتهى، وروي عن النبي ÷ أنه قال: «ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والنوم، ألا إني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وأنكح النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني»، وعن عائشة أن النبي ÷ «كان يأكل الدجاج والفالوذج، وكان يعجبه الحلوى والعسل»، وسئل الحسن عن أكل الفالوذج فقال: إن نعم اللَّه في الماء البارد أكثر.
  ومتى قيل: فهل يختلف الناس فيه؟
  قلنا: بلى إذا كان مقتدى به فيجوز أن يقتصر على ما دونه من أنواع