التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون 89}

صفحة 2062 - الجزء 3

  للمصلحة، أو ليقتدى به كما فعله أمير المؤمنين، فأما النبي ÷ فإنه الشارع، وقوله وفعله حجة، فكان يفعل على الوجهين. وتدل على أن الاعتداء ليس من خَلْقِهِ لذلك نهى عنه، ويدل قوله: «وَكُلُوا» على إباحة التصرف في المأكولات بأنواع الانتفاع؛ لأنها خلقت لمنافع العباد، وهو أقرب إلى الشكر، والأولى أن يُتَمتَّعَ بها، ما لم يكن فيه مفسدة، وتدل على وجوب التقوى فيما يأتي وليذر.

قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ٨٩}

  · القراءة: قرأ أبو جعفر ونافع وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وحفص عن عاصم: «عَقَّدْتُمْ» بتشديد القاف بغير ألف، وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم «عَقَدْتُمْ» يغير ألف وتخفيف القاف، وقرأ ابن عامر «عاقدتم» بالألف والتخفيف، فأما الأول: فذهبوا إلى التوكيد بمعنى وكدتم الأيمان، ومن خفف ذهب إلى أنه أوجبتم وعزمتم عليه، وقالوا: التشديد يدل على التكرار، فيجوز أن يظن أن الكفارة لا تلزم إلا بتكرار اليمين، وذلك خلاف الإجماع، ومن قرأ بالألف فليس على معنى المفاعلة وهو نحو قولهم: عافاك اللَّه.

  قراءة العامة: «أهليكم» وعن الصادق «أهاليكم»، وقراءة العامة: «أو كسوتهم» بكسر الكاف، وقرأ السلمي بضم الكاف.