التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون 90 إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون 91}

صفحة 2073 - الجزء 3

  التجزية، وكل شيء جزأته فقد يسرته، والياسر: الجازر؛ لأنه يجزِّئ اللحم، ومنه سمي القمار ميسرًا.

  والأنصاب قيل: الأوثان سميت بذلك لأنها كانت تنصب للعبادة لها، وقيل: هي الحجارة التي كانوا يذبحون عندها للأصنام، عن أبي مسلم، وأصله الانتصاب، وهو القيام، نصب ينصب نصبًا، ومنه النَّصَب: التعب عن العمل الذي ينتصب له، ونصاب السكين لأنها تنصب فيه، ومناصبة العدو الانتصاب لعداوته، وواحد الأنصاب: نُصُبٌ، ونَصَب بنصب النون وضمها مخففة ومثقلة.

  الأزلام: القداح، واحدها: زُلم وزَلَمٌ، وهي سهام كانوا يجعلون عليها علامات: «افعل» و «لا تفعل»، فيعملون ما يخرج من ذلك في سفر وإقامة أو غيرها من الأمور.

  والرجس: الشيء المستقذر، يقال: رجس يرجس. والرجز: العذاب، والرجس هو النجس.

  والصد: الإعراض، صد يصد: أعرض، وصددته عن الأمر: عدلته عنه.

  · الإعراب: «فهل أنتم» استفهام، والمراد الأمر، كقوله: {فَهَل أَنتم شاكرون} أي: اشكروا. و (ما) في قوله: «إنما» ما الكافة.

  ومتى قيل: لم أخرج النهي عن لفظ الاستفهام؟

  قلنا: قال أبو مسلم: فيه وجهان من التأويل:

  أحدهما: توكيد النهي بإخراج الكلام عن لفظ الاستفهام؛ أي فهل أنتم منتهون بنهي اللَّه إياكم عن الأفعال التي تؤدي إلى العداوة وعذاب النار.