التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم 94 ياأيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام 95}

صفحة 2088 - الجزء 3

  الثالث: المثل في الصورة فيما له مثل، وفيما لا مِثْلَ له القيمة.

  «يَحْكمُ بِهِ» يعني بالجزاء ويحتمل بالمثل «ذَوَا عَدْلٍ» يعني عدلين من أهل البصر بقيمة ذلك.

  ومتى قيل: على القول الأول أيُّ حاجَةٍ إلى الحكم والتقويم والمِثْلُ معلوم، وعلى الثاني: كيف يقوم؟

  فجوابنا: أما على الأول فلتفاوت الأمثال من الصغير والكبير، ولأن لهما مدخلاً في الإطعام والصيام من حيث التقويم، وقيل: ليس يجب أن يتجدد الحكم من ذوي عدل في كل حال، فإذا ثبت من الصحابة ما قلناه كفى، فإن اشتبه يرجع إلى العدلين، فأما على القول الثاني فيقوم بالمكان الذي أصاب فيه بأي بلد كان، عن إبراهيم وحماد وأبي حنيفة وأصحابه، وقيل: يقوم بمكة أو بمنى عن عامر الشعبي، والأول أوجه.

  «هَدْيًا» أي فليهد بذلك الجزاء هديًا إلى بيت اللَّه، وقيل: لا يجوز في الهدي إلا ما يجوز في الأضحية، عن أبي حنيفة وأصحابه، وهو اختيار أبي علي، وقيل: يجوز أن يهدي السخلة والجدي «بَالِغَ الْكعْبَةِ» أي يبلغ الحرم فيذبح ثَمَّ، ويتصدق بمكة لا يجوز غير ذلك «أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ» قيل: يُقَوَّم عِدْلُهُ من النعم، ثم يجعل قيمته طعاما ويتصدق به عن عطاء ويحيى الهادي، وقيل: يُقَوَّم نفس الصيد حيًّا ثم يجعل طعامًا، عن قتادة وأبي حنيفة وأصحابه ومالك، وأين يتصدق به؟ قيل: بمكة، عن عطاء والشافعي، وقيل: أي موضع شاء، عن أبي حنيفة، والصوم يجوز في أي موضع كان، ففي الهدي أنه لا يجوز إلا بمكة اتفاقًا، وفي الصوم يجوز في أي موضع