قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم 94 ياأيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام 95}
  «وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ» أي قادر لا يغالَبُ، ولا يمتنع عليه شيء، ذو انتقام ممن يعصيه بأن يعامله عنى فعله.
  · الأحكام: تدل الآية على تحريم الصيد، ولا خلاف أن في الصيد ما هو حرام وفيه ما هو حلال، فالآية لا بد لها من بيان، والصيد: هو الحيوان المتوحش في أصل الخلقة. وهو على ضربين: بري، وبحري، فالبحري حلال على الحلال والمحرم، والبري على ضربين: صيد الحرم، وصيد غير الحرم، والبري ما كان توالده في البر، والبحري ما كان توالده في البحر، ومملوك ذلك أو غير مملوكه سواء في أن اسم الصيد يقع على الجميع، فأما صيد البر في غير الحَرَمَ فكله حرام على المحرم إلا ما استثناه النبي ÷، وهو ما يبتدئ بالأذى غالبًا مثل الكلب العقور، والذئب، والحدأة، والغراب، والحية، والعقرب، وما سوى ذلك محرم، السباع وغير السباع، وقال الشافعي: لا يحرم قتل السبع، وهوام الأرض ليس من الصيد، وإذا قتل الصيد فعليه الجزاء كما ذكرنا، وعلى القارن جزاءان عند الهادي وأبي حنيفة، وقال الشافعي: جزاء واحد.
  وإن دل مُحْرِمٌ مُحْرِمًا على صيد فقتله المدلول، فعلى الدال الجزاء، وعلى القاتل الجزاء، عند أبي حنيفة، وقال الشافعي: لا جزاء على الدال.
  وإن أحرم، وفي ملكه صيد، لمْ يَزُلْ ملكه عنه، وقال الشافعي: يزول، فإن مات في بيته فلا جزاء عليه، عند أبي حنيفة، وقال الشافعي: عليه الجزاء.
  وإن اشترك جماعة من المحرمين في قتل صيد فعلى كل واحد منهم جزاء كامل، عند أبي حنيفة وأصحابه، وهو مذهب الهادي، وقال الشافعي: جزاء واحد، وذبيحة المحرم للصيد بمنزلة الميتة، وقال الشافعي: يحرم عليه ولا يحرم على غيره.