التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله ياأولي الألباب لعلكم تفلحون 100}

صفحة 2102 - الجزء 3

  أُولِي الألْبَاب» أي: يا ذوي العقول، واللب العقل «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» قيل: لتفلحوا، وقيل: اتقوا متعرضين للفلاح وهو الظفر بالطلبة.

  · النزول: قيل: نزلت في شريح وحجاج بكر بن وائل، وذلك أن شريحًا أتى المدينة ودخل على النبي ÷ وقال: إلام تدعو الناس؟ فقال: «إلى شهادة أن لا إله إلا اللَّه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة»، فقال: حسن ولعلي أسلم وخرج، فقال ÷: «دخل بوجه كافر وخرج بعقبي غادر، وما الرجل بمسلم»، فمر بِسَرْحِ المدينة فاستاقه، وانطلق مرتجزًا يقول:

  بَاتُوا نيامًا وابنُ هندٍ لم يَنَمْ ... قَدْ لَفَّهَا اللَّيلُ بسوَّاقٍ حُطَمْ

  لَيْسَ براعي إبلٍ ولاغَنَمْ ... ولاَ بِجزَّارٍ على ظهير وَصَمْ

  هَذَا أَوَانُ الشَّدِّ فاشْتَدِّي زِيمْ

  فلما كان العام القابل خرج في حجاج بكر بن وائل من اليمامة ومعه تجارة عظيمة، وقد قلد الهدي، فنزلت فيه هذه الآية.

  · الأحكام: تدل الآية على الترغيب في الحلال والتحذير من الحرام وبين أن الحرام وإن كثر فالواجب تجنبه؛ لأنه كلما كان أكثر كان العقاب أعظم.

  وتدل على أنه تعالى أمر بالتقوى لكي ينال العبد الفلاح وهو الظفر بالبغية.